الإحتجاج عليهم بأن قال: (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) أي بما جعل لله شبها، وذلك أن ولد كل شئ شبهه وجنسه، فالمعنى: وإذا بشر أحدهم بولادة ابنة له (ظل وجهه مسودا) بما يلحقه من الغم بذلك (وهو كظيم) أي مملوء كربا وغيظا.
ثم وبخهم بما افتروه فقال: (أو من ينشأ في الحلية) أي أو جعلوا من ينشؤ في الحلية أي في زينة النساء لله، عز وجل، يعني البنات (وهو في الخصام) يعني المخاصمة (غير مبين) للحجة. قال قتادة: قلما تتكلم امرأة بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها، أي: لا يمكنها أن تبين الحجة عند الخصومة لضعفها وسفهها.
وقيل: معناه أو تعبدون من ينشأ في الحلية، ولا يمكنه أن ينطق بحجته، ويعجز عن الجواب، وهم الأصنام، فإنهم كانوا يحلونها بالحلي، عن ابن زيد. وإنما قال.
(وهو في الخصام) ولم يقل (وهي)، لأنه حمله على لفظ من. (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) بأن زعموا أنهم بنات الله.
(أشهدوا خلقهم) هذا رد عليهم أي: أحضروا خلقهم حتى علموا أنهم إناث. وهذا كقوله (أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون). (ستكتب شهادتهم) بذلك (ويسألون) عنها يوم القيامة (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم) أي لو شاء الرحمن أن لا نعبدهم ما عبدناهم، فإنما عبدناهم بمشيئة الله. (ما لهم بذلك من علم) أي لا يعلمون صحة ما يقولون. هذا إشارة إلا بطلان قولهم لما لم يصدر عن دليل وعلم. (إن هم إلا يخرصون) أي ما هم إلا كاذبون. قال أبو حامد: كذبهم الله تعالى لأنهم أنكروا التوحيد بإضافتهم الولد إليه سبحانه، وفارقوا العدل بإضافتهم الكفر إلى مشيئة الله تعالى. * (أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون [21] * بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون [22] * وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون [23] * قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون [24] * فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين [25] *.