سبحانه أنها تحمل فيه، وتضع فيه، فيعلم سبحانه قدر الثمار وكيفيتها وأجزاءها وطعومها وروائحها، ويعلم ما في بطون الحبالى، وكيفية انتقالها حالا بعد حال حتى يصير بشرا سويا.
(ويوم يناديهم) أي: ينادي الله المشركين (أين شركائي) أي: في قولكم وزعمكم كما قال: (أين شركائي الذين كنتم تزعمون). (قالوا آذناك ما منا من شهيد) أي: يقولون أعلمناك ما منا شاهد بأن لك شريكا. يتبر أون يومئذ من أن يكون مع الله شريك. (وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل) أي: بطل عنهم وذهب ما كانوا أملوه من أصنامهم (وظنوا) أي: أيقنوا (ما لهم من محيص) أي من مهرب وملجأ. دخل الظن على (ما) التي للنفي، كما تدخل على لام الابتداء. وكلاهما له صدر الكلام. والمعنى: إنهم علموا أن لا مخلص لهم من عذاب الله، وقد يعبر بالظن عن اليقين فيما طريقه الخبر دون العيان.
ثم بين سبحانه طريقتهم في الدنيا فقال: (لا يسأم الانسان من دعاء الخير) قال الكلبي: الانسان ههنا يراد به الكافر أي: لا يمل الكافر من دعائه الخير، ولا يزال يسأل ربه الخير الذي هو المال والغنى والصحة والولد. (وإن مسه الشر) أي البلاء والشدة والفقر (فيؤوس) أي فهو يؤوس شديد اليأس من الخير. (قنوط) من الرحمة. وقيل: يؤوس من إجابة الدعاء، قنوط سئ الظن بربه (ولئن أذقناه رحمة منا) أي خيرا وعافية وغنى (من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي) أي: هذا بعملي وأنا محقوق به، عن مجاهد قال: وكل هذا من أخلاق الكافر. وقيل: معناه هذا لي دائما أبدا.
(وما أظن الساعة قائمة) أي: كائنة على ما يقوله المسلمون (ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى) أي: لست على يقين من البعث، فإن كان الأمر على ذلك، ورددت إلى ربي، إن لي عنده الحالة الحسنى، والمنزلة الحسنى، وهي الجنة، سيعطيني في الآخرة مثل ما أعطاني في الدنيا. ثم هدد سبحانه من هذه صفته بأن قال: (فلننبأن الذين كفروا بما عملوا) أي: لنقفنهم يوم القيامة على مساوئ أعمالهم، عن ابن عباس (ولنذيقنهم من عذاب غليظ) أي شديد متراكم.
* (وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء