معه من أمته أحد، حتى إذا أتى أخي موسى في كبكبة من بني إسرائيل. فلما رأيتهم أعجبوني، فقلت: أي رب! من هؤلاء؟ فقال: هذا أخوك موسى بن عمران، ومن معه من بني إسرائيل. فقلت: رب فأين أمتي؟ قال: أنظر عن يمينك، فإذا ظراب (1) مكة قد سدت بوجوه الرجال، فقلت (2): من هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت: رب رضيت. وقال (3): أنظر عن يسارك. فإذا الأفق قد انسد (4) بوجوه الرجال. فقلت: رب من هؤلاء؟ قيل: هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت: رب رضيت. فقيل: إن مع هؤلاء سبعين ألفا من أمتك، يدخلون الجنة لا حساب عليهم،. قال: فأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد (5) من خزيمة، فقال: يا نبي الله! ادع ربك أن يجعلني منهم. فقال: اللهم اجعله منهم. ثم أنشأ رجل آخر، فقال: يا نبي الله! أدع ربك أن يجعلني منهم. فقال. سبقك بها عكاشة.
فقال نبي الله: فداكم أبي وأمي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين، فكونوا.
وإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب. فإن عجزتم (6) وقصرتم فكونوا من أهل الأفق. وإني قد رأيت ثم ناسا كثيرا يتهاوشون كثيرا. فقلت: هؤلاء السبعون ألفا.
فاتفق رأينا على أنهم ناس ولدوا في الاسلام، فلم يزالوا يعملون به، حتى ماتوا عليه. فانتهى (7) حديثهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ليس كذلك، ولكنهم الذين لا يسرقون. ولا يتكبرون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون. ثم قال: إني لأرجو أن يكون من تبعني ربع أهل الجنة. قال: فكبرنا. ثم قال: إني لأرجو أن يكونوا ثلث أهل الجنة. فكبرنا. ثم قال: إني لأرجو أن يكونوا شطر أهل الجنة. ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين). (وأصحب الشمال ما أصحب الشمال (41) في سموم وحميم (42) وظل من يحموم (43) لا بارد ولا كريم (44) إنهم كانوا قبل ذلك مترفين (45) وكانوا يصرون على الحنث العظيم (46) وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون (47) أو