إن يك عن أحسن المروءة مأفوكا، * ففي آخرين قد أفكوا (1) و (آفكهم): أفعلهم منه أي: أصارهم إلى الإفك. ويجوز أن يكون فاعلهم من ذلك مثل خادعهم. وأما (أفكهم) ففعلهم، وذلك لتكثيره ذلك الفعل بهم.
وروي عن قطرب: أن ابن عباس قرأ (آفكهم) أي صارفهم.
اللغة: التمكين: إعطاء ما يتمكن به من الفعل، وتدخل فيه القدرة والآلة، وسائر ما يحتاج إليه الفاعل. وقيل: التمكين إزالة الموانع، وذلك داخل في الأول، لأنه كما يحتاج الفاعل في الفعل إلى الآلات، يحتاج إلى زوال الموانع، فإذا أزيحت عنه العلل كلها فقد مكن. والقربان: كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من طاعة أو نسك، والجمع: قرابين.
الاعراب: (فيما إن مكناكم فيه): إن هنا بمعنى ما وإن في النفي مع ما الموصولة بمعنى الذي، أحسن في اللفظ من ما. ألا ترى أنك لو قلت: رغبت فيما ما رغبت فيه، لكان أحسن منه أن تقول: رغبت فيما إن رغبت فيه، لاختلاف اللفظين.
المعنى: ثم خوف سبحانه كفار مكة، وذكر فضل عاد بالأجسام والقوة عليهم فقال: (ولقد مكناهم فيما إن مكنكم) أي: في الذي ما مكناكم (فيه) والمعنى في الشئ الذي لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان، وبسطة الأجسام، وطول العمر، وكثرة الأموال، عن ابن عباس وقتادة. وقيل: معناه فيما مكناكم فيه، وإن مزيدة، والمعنى: مكناهم من الطاعات، وجعلناهم قادرين متمكنين بنصب الأدلة على التوحيد، والتمكين من النظر فيها، والترغيب والترهيب، وإزاحة العلل في جميع ذلك. (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة) ثم أخبر سبحانه عن أولئك أنهم أعرضوا عن قبول الحجج، والتفكر فيما يدلهم على التوحيد مع ما أعطاهم الله من الحواس الصحيحة التي بها تدرك الأدلة.
(فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئ) أي لم ينفعهم جميع ذلك لأنهم لم يعتبروا ذلك ولا استعملوا أبصارهم وأفئدتهم في النظر والتدبر (إذ كانوا يجحدون بآيات الله) وأدلته (وحاق بهم) أي حل بهم جزاء (ما كانوا به