(ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى (12) ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14) عندها جنة المأوى (15) إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17) لقد رأى من آيات ربه الكبرى (18) أفرءيتم اللت والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20)).
القراءة: قرأ أبو جعفر وهشام: (ما كذب) بالتشديد. والباقون بالتخفيف.
وقرأ أهل الكوفة، غير عاصم ويعقوب: (أفتمرونه) بغير ألف. والباقون:
(أفتمارونه). وقرأ ابن كثير والشموني، عن الأعمش وأبي بكر: (ومنآئة) بالمد والهمزة. والباقون: (ومناة) بغير همزة، ولا مد. وروي عن علي (ع)، وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وزر بن حبيش: (جنه المأوى) بالهاء. وعن ابن عباس، ومجاهد: (واللات) بتشديد التاء.
الحجة: من قرأ (كذب) بتشديد الذال، فمعناه: ما كذب قلب محمد (ص) ما رآه بعينه تلك الليلة، بل صدقه وحققه. ومن قرأ بالتخفيف فمعناه: ما كذب فؤاده فيما رأى. وقال أبو علي: كذب فعل يتعدى إلى مفعول بدلالة قوله:
كذبتك عينك، أم رأيت بواسط، * غلس الظلام من الرباب، خيالا ومعنى كذبتك عينك: أرتك ما لا حقيقة له. فعلى هذا يكون المعنى: لم يكذب فؤاده ما أدركه بصره أي: كانت رؤيته صحيحة غير كاذبة، وإدراكا على الحقيقة. ويشبه أن يكون الذي شدد أراد هذا المعنى وأكده. (أفتمارونه على ما يرى) أي أترومون إزالته عن حقيقة ما أدركه وعلمه بمجادلتكم، أو أتجحدونه ما قد علمه، ولم يعترض عليه فيه شك، فإن معنى قوله (أفتمارونه): أتجادلونه جدالا تريدون به دفعه عما علمه وشاهده من الآيات الكبرى.
ومن قرأ (أفتمرونه) فمعناه: أفتجحدونه. ومناة: صنم من حجارة. واللات والعزى: كانتا من حجارة أيضا. ولعل (منائة) بالمد لغة. ومن قرأ (جنه المأوى): يعني فعله. يريد جن عليه فأجنه الله والمأوى وهو الفاعل، والمعنى:
ستره. وقال الأخفش: أدركه. وعن ابن عباس قال: كان رجل بسوق عكاظ يلت