حشرهم إلى الموقف بعد إماتتهم قادر لا يتعذر عليه ذلك.
ثم قال سبحانه: (وما أصابكم) معاشر الخلق (من مصيبة) من بلوى في نفس، أو مال، (فبما كسبت أيديكم) من المعاصي (ويعفو عن كثير) منها، فلا يعاقب بها. قال الحسن: الآية خاصة بالحدود التي تستحق على وجه العقوبة. وقال قتادة: هي عامة. وروي عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (خير آية في كتاب الله هذه الآية. يا علي! ما من خدش عود، ولا نكبة قدم، إلا بذنب.
وما عفا الله عنه في الدنيا، فهو أكرم من أن يعود فيه. وما عاقب عليه في الدنيا، فهو أعدل من أن يثني على عبده). وقال أهل التحقيق: إن ذلك خاص، وإن خرج مخرج العموم، لما يلحق من مصائب الأطفال والمجانين، ومن لا ذنب له من المؤمنين، ولأن الأنبياء والأئمة يمتحنون بالمصائب، وإن كانوا معصومين من الذنوب، لما يحصل لهم على الصبر عليها من الثواب.
النظم: والوجه في اتصال هذه الآية بما قبلها أن الله تعالى لما بين عظيم إنعامه على العباد، بين بعده أن لا يعاقبهم إلا على معاصيهم. * (وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير [31] * ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام [32] * إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور [33] * أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير [34] * ويعلم الذين يجادلون فئ آياتنا ما لهم من محيص [35] *.
القراءة: قرأ أهل الكوفة، وابن عامر: (الجوار) بحذف الياء في الوصل والوقف. وقرأ الباقون: (الجواري) بإثبات الياء في الوصل، وابن كثير، ويعقوب في الوقف أيضا. وقرأ أهل المدينة، وابن عامر: (يعلم الذين يجادلون) بالرفع.
والباقون: (ويعلم) بالنصب.
الحجة: قال أبو علي: القياس الجواري، ومن حذف، فلأن حذف هذه الياءات، وإن كانت لاما، قد كثر في كلامهم، فصار كالقياس المستمر. ومن قرأ (يعلم) بالرفع، استأنف لأنه موضع استئناف من حيث جاء من بعد الجماعة، إن