النصر بقولهم. (وإن قوتلتم لننصرنكم) أي لندفعن عنكم. ثم كذبهم الله في ذلك بقوله (والله يشهد إنهم لكاذبون) فيما يقولونه من الخروج معهم، والدفاع عنهم.
ثم أخبر سبحانه أنهم يخلفونهم ما وعدوه من النصر والخروج بقوله: (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم) أي ولئن قدر وجود نصرهم، لأن ما نفاه الله تعالى لا يجوز وجوده (ليولن الأدبار) أي ينهزمون ويسلمونهم. وقيل معناه: لئن نصرهم من يفي منهم لولوا الأدبار. فعلى هذا لا تنافي بين قوله (لا ينصرونهم) وقوله (لئن نصروهم) فقد أخبر الله تعالى في هذه الآية، عما لا يكون منهم أن لو كان، كيف كان يكون. (ثم لا ينصرون) أي ولو كان لهم هذه القوة، وفعلوا، لم ينتفع أولئك بنصرتهم. نزلت الآية قبل اخراج بني النضير، وأخرجوا بعد ذلك، وقوتلوا، فلم يخرج معهم منافق، ولم ينصروهم كما أخبر الله تعالى بذلك. وقيل: أراد بقوله (لإخوانهم) بني النضير، وبني قريظة، فأخرج بنو النضير، ولم يخرجوا معهم، وقوتل بنو قريظة فلم ينصروهم.
ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال: (لأنتم أشد رهبة) أي خوفا (في صدورهم) أي في قلوب هؤلاء المنافقين (من الله) المعنى أن خوفهم منكم، أشد من خوفهم من الله، لأنهم يشاهدونكم، ويعرفونكم، ولا يعرفون الله، وهو قوله:
(ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) الحق، ولا يعلمون عظمة الله، وشدة عقابه (لا يقاتلونكم) معاشر المؤمنين (جميعا إلا في قرى محصنة) أي ممتنعة حصينة.
المعنى أنهم لا يبرزون لحربكم، وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى (أو من وراء جدر) أي: يرمونكم من وراء الجدران، بالنبل والحجر.
(بأسهم بينهم شديد) أي عداوة بعضهم لبعض شديدة، يعني أنهم ليسوا بمتفقي القلوب. وقيل: معناه قوتهم فيما بينهم شديدة، فإذا لاقوكم جبنوا، ويفزعون (1) منكم بما قذف الله في قلوبهم من الرعب. (تحسبهم جميعا) أي مجتمعين في الظاهر (وقلوبهم شتى) أي مختلفة متفرقة. خذلهم الله باختلاف كلمتهم. وقيل: إنه عنى بذلك قلوب المنافقين، وأهل الكتاب، عن مجاهد.
(ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) ما فيه الرشد مما فيه الغي، وإنما كان قلوب من يعمل