المعنى: ثم قال سبحانه: (وما أنتم) يا معشر المشركين (بمعجزين في الأرض) أي. لا تعجزونني حيث ما كنتم، فلا تسبقونني هربا في الأرض. وفي هذا استدعاء إلى العبادة وترغيب فيما أمر به، وترهيب عما نهى عنه. (وما لكم من دون الله من ولي) يدفع عنكم عقابه (ولا نصير) ينصركم عليه. (ومن آياته) أي: ومن حججه الدالة على اختصاصه بصفات لا يشركه فيها غيره (الجوار) أي: السفن الجارية (في البحر كالأعلام) أي: كالجبال الطوال.
(إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره) أي: إن يشأ الله يسكن الريح فتبقى السفن راكدة واقفة على ظهر الماء، لا يبرحن من المكان، لأن ماء البحر يكون راكدا، فلو لم تجئ الريح، لوقفت السفينة في البحر، ولم تجر. فالله سبحانه جعل الريح سببا لجريها فيه، وجعل هبوبها في الجهة التي تسير إليها السفينة. (إن في ذلك) الذي ذكر (لآيات) أي حججا واضحات (لكل صبار) على أمر الله (شكور) على نعمته. وقيل: صبار على ركوبها، شكور على جريها، والنجاة من البحر.
(أو يوبقهن بما كسبوا) معناه: إن يشأ إسكان الريح، يسكن الريح، أو إن يشأ يجعل الريح عاصفة، فيهلك السفن أي: أهلها بالغرق في الماء، عقوبة لهم بما كسبوا من المعاصي (ويعف عن كثير) من أهلها، فلا يغرقهم، ولا يعاجلهم بعقوبة معاصيهم. (ويعلم الذين يجادلون في آياتنا) أي: في إبطال آياتنا ودفعها (ما لهم من محيص) أي: ملجأ يلجأون إليه، عن السدي. * (فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون [36] * والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون [37] * والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون [38] * والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون [39] * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين [40] *.
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير عاصم هنا، وفي سورة والنجم: (كبير الإثم)