(بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم) أي ما كذبك قومك، لأنك كاذب، بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم، وحسبوا أنه لا يوحى إلا إلى ملك. (فقال الكافرون هذا شئ عجيب) أي معجب. عجبوا من كون محمد (ص) رسولا إليهم، فأنكروا رسالته، وأنكروا البعث بعد الموت، وهو قوله: (أإذا متنا وكنا ترابا) أنبعث ونرد أحياء (ذلك) أي ذلك الرد الذي يقولون (رجع بعيد) أي رد بعيد عن الأوهام، وإعادة بعيدة عن الكون. والمعنى: إنه لا يكون ذلك، لأنه غير ممكن.
ثم قال سبحانه: (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم) أي ما تأكل الأرض من لحومهم ودمائهم، وتبليه من عظامهم، فلا يتعذر علينا ردهم. (وعندنا كتاب حفيظ) أي حافظ لعدتهم وأسمائهم، وهو اللوح المحفوظ، لا يشذ عنه شئ.
وقيل: حفيظ أي محفوظ عن البلى والدروس، وهو كتاب الحفظة الذين يكتبون أعمالهم.
ثم أخبر سبحانه بتكذيبهم فقال: (بل كذبوا بالحق لما جاءهم) والحق:
القرآن. وقيل: هو الرسول. (فهم في أمر مريج) أي مختلط. فمرة قالوا مجنون، وتارة قالوا ساحر، وتارة قالوا شاعر. فتحيروا في أمرهم (1) لجهلهم بحاله، ولم يثبتوا على شئ واحد. وقالوا للقرآن: إنه سحر مرة، وزجر (2) مرة، ومفترى مرة. فكان أمرهم ملتبسا عليهم. قال الحسن: ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم.
(أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج (6) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج (7) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب (8) ونزلنا من السماء ماء مبركا فأنبتنا به جنت وحب الحصيد (9) والنخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج (11) ) اللغة: الفروج: الشقوق والصدوع. وفي الحائط فرجة بضم الفاء، فإذا قيل:
فرجة بفتح الفاء: فهو التفصي من الهم. قال:
ربما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال (3)