ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم، وهي ابنة أخي مرحب، شاة مصلية، وقد سألت: أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقيل لها: الذراع. فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة، ثم جاءت بها. فلما وضعتها بين يديه، تناول الذراع، فأخذها فلاك منها مضغة، وانتهش منها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، فتناول عظما فانتهش منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارفعوا أيديكم، فأن كتف هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة.
ثم دعاها فاعترفت، فقال: ما حملك على ذلك؟ فقالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك! فقلت: إن كان نبيا فسيخبر، وإن كان ملكا استرحت منه. فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومات بشر بن البراء من أكلته التي أكل. قال: ودخلت أم بشر بن البراء، على رسول الله تعوده في مرضه الذي توفي فيه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أم بشر! ما زالت أكلة خيبر التي أكلت بخيبر مع ابنك تعاودني (1). فهذا أوان قطعت أبهري (2). وكان المسلمون يرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مات شهيدا مع ما أكرمه الله به من النبوة.
(وأخرى لم تقدروا عليها أحاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا (21) ولو قتلكم الذين كفروا لولوا الأدبر ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا (22) سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنه الله تبديلا (23) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا (24) هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا ان يبلغ محله ولولا رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما (25)