النزول: قيل: نزلت الآية الأخيرة في عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل، فروي أن عبد الله بن سلام، جاء إلى النبي (ص) فأسلم وقال: يا رسول الله! سل اليهود عني فإنهم يقولون هو أعلمنا. فإذا قالوا ذلك قلت لهم: إن التوراة دالة على نبوتك، وإن صفاتك فيها واضحة. فلما سألهم قالوا ذلك، فحينئذ أظهر عبد الله بن سلام إيمانه فكذبوه.
المعنى: ثم ذكر سبحانه أنه إذا قامت القيامة، صارت آلهتهم التي عبدوها أعداء لهم، فقال: (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء) وكذلك قوله: (ويكونون عليهم ضدا). (وكانوا بعبادتهم كافرين، يعني إن هذه الأوثان التي عبدوها ينطقها الله حتى يجحدوا أن يكونوا دعوا إلى عبادتها، ويكفروا بعبادة الكفار، ويجحدوا ذلك. ثم وصفهم الله سبحانه فقال: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم) أي: للقرآن والمعجزات التي ظهرت على يد النبي (ص).
(هذا سحر مبين) أي حيلة لطيفة ظاهرة، وخداع بين.
(أم يقولون افتراه قل) يا محمد لهم (إن افتريته) أي إن كذبت على الله، واختلقت القرآن كما زعمتم (فلا تملكون لي من الله شيئا) أي إن كان الأمر على ما تقولون إني ساحر مفتر، فلا يمكنكم أن تمنعوا الله مني إذا أراد إهلاكي على افترائي عليه. والمراد: كيف أفتري على الله من أجلكم، وأنتم لا تقدرون على دفع عقابه عني، إن افتريت عليه. (هو أعلم بما تفيضون فيه) أي: إن الله أعلم بما تقولون في القرآن، وتخوضون فيه من التكذيب به، والقول فيه إنه سحر.
(كفى به شهيدا بيني وبينكم) أن القران جاء من عنده (وهو الغفور الرحيم) في تأخير العقاب عنكم، حين لا يعجل بالعقوبة. قال الزجاج: هذا دعاء لهم إلى التوبة أي: من أتى من الكبائر مثل ما أتيتم به من الافتراء على الله وعلي، ثم تاب، فإن الله غفور له، رحيم به (قل) يا محمد (ما كنت بدعا من الرسل) أي لست بأول رسول بعث، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. والبدع: الأول من الأمر (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) أي لا أدري أأموت أم أقتل، ولا أدري أيها المكذبون أترمون بالحجارة من السماء، أم يخسف بكم، أم ليس يفعل بكم ما فعل بالأمم المكذبة. وهذا إنما هو في الدنيا. وأما في الآخرة فإنه قد علم أنه في الجنة، وأن من كذبه في النار، عن الحسن والسدي. وقيل: معناه لست أدعي غير الرسالة، ولا