(ولقد يسرنا القرآن للذكر) أي سهلناه للحفظ والقراءة حتى يقرأ كله ظاهرا، وليس من كتب الله المنزلة كتاب يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن، عن سعيد بن جبير.
والتيسير للشئ هو تسهيله بما ليس فيه كثير مشقة على النفس، فمن سهل له طريق العلم، فهو حقيق بأخذ الحظ الجزيل منه، لأن التسهيل أكبر داع إليه، وتسهيل القرآن للذكر هو خفة ذلك على النفس، بحسن البيان، وظهور البرهان في الحكم السنية، والمعاني الصحيحة الموثوق بها، لمجيئها من قبل الله تعالى. وإنما صار الذكر من أجل ما يدعى إليه، ويحث عليه، لأنه طريق العلم، لأن الساهي عن الشئ، أو عن دليله، لا يجوز أن يعلمه في حال سهوه، فإذا تذكر الدلائل عليه، والطرق المؤدية إليه، تعرض لعلمه من الوجه الذي ينبغي له. (فهل من مذكر) أي متعظ معتبر به ناظر فيه.
ثم قال سبحانه: (كذبت عاد) أي بالرسول الذي بعثه الله إليهم، وهو هود (ع) فاستحقوا الهلاك فأهلكهم. (فكيف كان عذابي) لهم (ونذر) أي وإنذاري إياهم. ثم بين كيفية إهلاكهم فقال: (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) أي شديدة الهبوب، عن ابن زيد. وقيل: باردة، عن ابن عباس وقتادة. من الصر وهو البرد. (في يوم نحس) أي: في يوم شؤم (مستمر) أي دائم الشؤم استمر عليهم بنحوسته سبع ليال وثمانية أيام، حتى أتت عليهم. ومستمر من صفة اليوم أي: يوم مستمر ضرره، عاتم هلاكه. وقيل: هو نعت للنحس أي: استمر بهم العذاب، والنحس في الدنيا، حتى اتصل بالعقبى. قال (1) الزجاج. وقيل إنه كان في يوم الأربعاء في آخر الشهر لا تدور. رواه العياشي بالإسناد عن أبي جعفر (ع). (تنزع الناس) أي تقتلع هذه الريح الناس، ثم ترمي بهم على رؤوسهم، فتدق رقابهم، فيصيرون (كأنهم أعجاز نخل منقعر) أي أسافل نخل منقلع، لأن رؤوسهم سقطت عن أبدانهم، عن مجاهد. وقيل: معناه تنزع الناس من حفر حفروها، ليمتنعوا بها عن الريح. وقيل. معناه تنزع أرواح الناس، عن الحسن. (فكيف كان عذابي ونذر) وهو تعظيم العذاب النازل بهم، وتخويف لكفار مكة.
(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (22) كذبت ثمود بالنذر (23) فقالوا أبشرا