بالفتح في موضع الجر. وقوله: (ينتجون) يفتعلون من (النجوى) والنجوى: مصدر كالدعوى والعدوي، ومثل ذلك في أنه على فعلى التقوى، إلا أن الواو فيها مبدلة، وليست بلام. ولما كان مصدرا، وقع الجمع على لفظ الواحد في قوله تعالى: (إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى) أي هم ذوو نجوى. وقوله: (ما يكون من نجوى ثلاثة) قال أبو علي. ثلاثة يحتمل جره أمرين أحدهما: أن يكون مجرورا بإضافة نجوى إليه، كأنه ما يكون من أسرار ثلاثة، إلا هو رابعهم أي لا يخفى عليه ذلك، كما قال: (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم) ويجوز أن يكون ثلاثة جرا على الصفة، على قياس قوله تعالى: (وإذ هم نجوى) فيكون المعنى: ما يكون من متناجين ثلاثة. وأما النجي، فصفة تقع على الكثرة كالصديق والرفيق والحميم، ومثله الغري. وفي التنزيل: (خلصوا نجيا) وأما قول حمزة (ينتجون) وقول سائرهم (متناجون) فإن يفتعلون ويتفاعلون، قد يجريان مجرى واحد. ومن ثم قالوا: ازدوجوا، واعتوروا، فصححوا الواو، وإن كانت على صورة، يجب فيها الاعتلال، لما كان بمعنى تعاوروا وتزاوجوا، كما صح عور وحول، لما كان بمعنى أفعال. ويشهد لقراءة حمزة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في علي، صلوات الرحمن عليه، لما قال له بعض أصحابه: أتناجيه دوننا؟ قال: (ما أنا انتجيته، بل الله انتجاه).
اللغة: النجوى هي أسرار ما يرفع كل واحد إلى اخر، وأصله من النجوة.
الارتفاع من الأرض. والنجاء: الارتفاع في السير. والنجاة: الارتفاع من البلاء.
الاعراب: (هو رابعهم): مبتدأ وخبر في محل جر بأنه صفة (ثلاثة)، وتقول فلان رابع أربعة إذا كان واحد أربعة، ورابع ثلاثة إذا جعل ثلاثة أربعة، بكونه معهم. ويجوز على هذا أن يقال رابع ثلاثة، ولا يجوز رابع أربعة، لأنه ليس فيه معنى الفعل. (حسبهم جهنم): مبتدأ وخبر و (يصلونها): في موضع نصب على الحال.
النزول: قال ابن عباس نزل قوله: (ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى) الآية، في اليهود والمنافقين، إنهم كانوا يتناجون فيما بينهم، دون المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا: ما نراهم إلا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل، أو مصيبة، أو هزيمة. فيقع ذلك في قلوبهم، ويحزنهم، فلما طال ذلك شكوا إلى رسول