(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) وهي: أن يفعل الله اللطف الذي يحصل لهم عنده من البصيرة بالحق، ما تسكن إليه نفوسهم، وذلك بكثرة ما ينصب لهم من الأدلة الدالة عليه، فهذه النعمة التامة للمؤمنين خاصة. وأما غيرهم فتضرب نفوسهم لأول عارض من شبهة ترد عليهم، إذ لا يجدون برد اليقين، وروح الطمأنينة في قلوبهم. وقيل. هي النصرة للمؤمنين لتسكن بذلك قلوبهم، ويثبتوا في القتال. وقيل: هي ما أسكن قلوبهم من التعظيم لله ولرسوله.
(ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) أي يقينا إلى يقينهم بما يرون من الفتوح، وعلو كلمة الاسلام، على وفق ما وعدوا. وقيل. ليزدادوا تصديقا بشرائع الاسلام، وهو أنهم كلما أمروا بشئ من الشرائع والفرائض، كالصلاة والصيام والصدقات، صدقوا به، وذلك بالسكينة التي أنزلها الله في قلوبهم، عن ابن عباس. والمعنى. ليزدادوا معارف على المعرفة الحاصلة عندهم. (ولله جنود السماوات والأرض) يعني الملائكة والجن والإنس والشياطين، عن ابن عباس. والمعنى: إنه لو شاء لأعانكم بهم. وفيه بيان أنه لو شاء لأهلك المشركين، لكنه عالم بهم، وبما يخرج من أصلابهم، فأمهلهم لعلمه وحكمته، ولم يأمر بالقتال عن عجز واحتياج، لكن ليعرض المجاهدين لجزيل الثواب. ( وكان عليما حكيما) فكل أفعاله حكمة وصواب (ليدخل المؤمنين والمؤمنات) تقديره: إنا فتحنا لك ليغفر لك الله، إنا فتحنا لك ليدخل المؤمنين والمؤمنات (جنات) ولذلك لم يدخل واو العطف في ليدخل إعلاما بالتفصيل.
(تجري من تحتها الأنهار) أي من تحت أشجارها الأنهار (خالدين فيها) أي دائمين مؤبدين، لا يزول عنهم نعيمها (ويكفر عنهم سيئاتهم) أي عقاب معاصيهم التي فعلوها في دار الدنيا (وكان ذلك عند الله فوزا عظيما) أي ظفرا يعظم الله به قدره.
(ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا (6) ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما (7) انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (8) لتؤمنوا بالله ورسوله