خلت القرون من قبلي) أي مضت الأمم وماتوا قبلي، فما أخرجوا ولا أعيدوا.
وقيل: معناه خلت القرون على هذا المذهب، ينكرون البعث (وهما) يعني والديه (يستغيثان الله) أي يستصرخان الله، ويطلبان منه الغوث، ليتلطف له بما يؤمن عنده، ويقولان له (ويلك آمن) بالقيامة وبما يقوله محمد (ص) (إن وعد الله) بالبعث والنشور، والثواب والعقاب. (حق فيقول) هو في جوابهما (ما هذا) القرآن، وما تزعمانه، وتدعوانني إليه (إلا أساطير الأولين) أي أخبار الأولين وأحاديثهم التي سطروها، وليس لها حقيقة.
وقيل: إن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، قال له أبواه: أسلم، وألحا عليه فقال: أحيوا لي عبد الله بن جدعان، ومشايخ قريش حتى أسألهم عما تقولون، عن ابن عباس وأبي العالية والسدي ومجاهد. وقيل: الآية عامة في كل كافر عاق لوالديه، عن الحسن وقتادة والزجاج قالوا: ويدل عليه أنه قال عقيبها:
(أولئك الذين حق عليهم القول في أمم) أي حقت عليهم كلمة العذاب في أمم أي: مع أمم (قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) على مثل حالهم واعتقادهم.
قال قتادة: قال الحسن: الجن لا يموتون، فقلت: (أولئك الذين حق عليهم القول في أمم) الآية تدل على خلافه.
ثم قال سبحانه مخبرا عن حالهم: (إنهم كانوا خاسرين) لأنفسهم إذ أهلكوها بالمعاصي. (ولكل درجات مما عملوا) أي لكل واحد ممن تقدم ذكره من المؤمنين البررة والكافرين الفجرة، درجات على مراتبهم ومقادير أعمالهم. فدرجات الأبرار في عليين، ودرجات الفجار دركات في سجين، عن ابن زيد، وأبي مسلم. وقيل:
معناه ولكل مطيع درجات ثواب، وإن تفاضلوا في مقاديرها، عن الجبائي وعلي بن عيسى. (ولنوفيهم أعمالهم) أي جزاء أعمالهم وثوابها. ومن قرأ بالياء فالمعنى:
وليوفيهم الله أعمالهم. (وهم لا يظلمون) بعقاب لا يستحقونه أو بمنع ثواب يستحقونه.
(ويوم يعرض الذين كفروا على النار) يعني يوم القيامة أي يدخلون النار كما يقال: عرض فلان على السوط. وقيل: معناه عرض عليهم النار قبل أن يدخلوها ليروا أهوالها (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) أي فيقال لهم: آثرتم طيباتكم ولذاتكم في الدنيا على طيبات الجنة (واستمتعتم بها) أي انتفعتم بها منهمكين فيها.