(ووصينا الانسان)، وكلاهما حسن. وقد ذكرنا اختلافهم في (أف) في بني إسرائيل. وحجة الاستفهام في (أذهبتم) أنه قد جاء هذا النحو بالاستفهام نحو:
أليس هذا بالحق، وقوله: (أكفرتم بعد إيمانكم). ووجه الخبر أن الاستفهام تقرير فهو مثل الخبر، ألا ترى أن التقرير لا يجاب بالفاء، كما يجاب بها إذا لم يكن تقريرا، فكأنهم يوبخون بهذا الذي يخبرون به ويبكتون. والمعنى في القراءتين يقال لهم هذا، فحذف القول كما حذف في نحو قوله: (أكفرتم بعد إيمانكم).
الاعراب: (وعد الصدق): نصب على المصدر، تقديره: وعدهم الله ذلك وعدا. وإضافته إلى (الصدق) غير حقيقية، لأن (الصدق) في تقدير النصب بأنه صفة وعد. (الذي كانوا يوعدون): موصول وصلة في موضع النصب بكونه صفة الوعد. و (أف لكما): مبتدأ وخبر تقديره هذه الكلمة التي تقال عند الأمور المكروهة كائنة لكما. (ويلك): منصوب لأنه مفعول فعل محذوف تقديره ألزمك الله الويل. وقيل: تقديره وي لك، فهو مبتدأ وخبر، كما قلناه في (أف).
و (ليوفيهم): معطوف على محذوف تقديره والله أعلم: ليجزيهم بما عملوا، وليوفيهم أعمالهم.
المعنى: ثم أخبر سبحانه بما يستحقه هذا الانسان من الثواب، فقال:
(أولئك) يعني أهل هذا القول (الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا) أي يثابون على طاعاتهم والمعنى: نقبل بإيجاب الثواب لهم أحسن أعمالهم، وهو ما يستحق به الثواب من الواجبات والمندوبات، فإن المباح أيضا من قبيل الحسن، ولا يوصف بأنه متقبل. (ونتجاوز عن سيئاتهم) التي اقترفوها (في أصحاب الجنة) أي في جملة من يتجاوز عن سيئاتهم، وهم أصحاب الجنة. فيكون قوله (في أصحاب الجنة) في موضع نصب على الحال. (وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) أي وعدهم وعد الصدق، وهو ما وعد أهل الإيمان بأن يتقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم، إذا شاء أن يتفضل عليهم بإسقاط عقابهم، أو إذا تابوا، الوعد الذي كانوا يوعدونه في الدنيا على ألسنة الرسل.
(والذي قال لوالديه) إذا دعوه إلى الإيمان (أف لكما) وهي كلمة تبرم يقصد بها إظهار التسخط، ومعناه: بعدا لكما. وقيل: معناه نتنا وقذرا لكما، كما يقال عند شم الرائحة المكروهة. (أتعدانني أن أخرج) من القبر وأحيا وأبعث. (وقد