بشئ من معلومه على التفصيل. فجعل العلم في موضع المعلوم، والمعنى: إنه لا اختصاص لمعلوماتك، بل أنت عالم بكل معلوم، ولا تختص رحمتك حيا دون حي، بل شملت جميع الحيوانات. وفي هذا تعليم الدعاء، ليبدأ بالثناء عليه قبل السؤال.
(فاغفر للذين تابوا) من الشرك، والمعاصي (واتبعوا سبيلك) الذي دعوت إليه عبادك، وهو دين الاسلام (وقهم) أي: وادفع عنهم (عذاب الجحيم). وفي هذه الآية دلالة على أن اسقاط العقاب عند التوبة تفضل من الله تعالى، إذ لو كان واجبا، لكان لا يحتاج فيه إلى مسألتهم، بل كان يفعله الله سبحانه لا محالة.
(ربنا وأدخلهم) مع قبول توبتهم، ووقايتهم النار (جنات عدن التي وعدتهم) على ألسن أنبيائك (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) ليكمل أنسهم، ويتم سرورهم (إنك أنت العزيز) القادر على من يشاء (الحكيم) في أفعالك (وقهم السيئات) أي: وقهم عذاب السيئات. ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات، وسماه السيئات اتساعا، كما قال: (وجزاء سيئة سيئة مثلها).
(ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته) أي: ومن تصرف عنه شر معاصيه، فتفضلت عليه يوم القيامة بإسقاط عذابها، فقد أنعمت عليه (وذلك هو الفوز العظيم) أي: الظفر بالبغية والفلاح العظيم. ثم عاد الكلام إلى من تقدم ذكرهم من الكفار، فقال عز اسمه: (إن الذين كفروا ينادون) أي: يناديهم الملائكة يوم القيامة (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون) والمقت: أشد العداوة والبغض. والمعنى: إنهم لما رأوا أعمالهم، ونظروا في كتابهم، وأدخلوا النار، مقتوا أنفسهم لسوء صنيعهم، فنودوا لمقت الله إياكم في الدنيا، إذ تدعون إلى الإيمان، فتكفرون، أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم، عن مجاهد، وقتادة، والسدي. وقيل: إنهم لما تركوا الإيمان، وصاروا إلى الكفر، فقد مقتوا أنفسهم أعظم المقت. وهذا كما يقول أحدنا لصاحبه: إذا كنت لا تبالي بنفسك فمبالاتي بك أقل. وليس يريد أنه لا يبالي بنفسه، بل يريد أنه يفعل فعل من هو كذلك، عن البلخي. (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى