أنزله الله تعالى على نبي من أنبائه. وقيل: الروح الوحي هنا لأنه يحيي به القلب أي: يلقي الوحي على قلب من يشاء ممن يراه أهلا له. يقال: ألقيت عليه كذا، أي: فهمته إياه. وقيل: إن الروح جبرائيل عليه السلام يرسله الله تعالى بأمره، عن الضحاك، وقتادة. وقيل: إن الروح ههنا النبوة، عن السدي. (لينذر) النبي بما أوحي إليه.
(يوم التلاقي) يلتقي في ذلك اليوم أهل السماء وأهل الأرض، عن قتادة والسدي وابن زيد. وقيل: فيه يلتقي الأولون والآخرون، والخصم والمخصوم، والظالم والمظلوم، عن الجبائي. وقيل: يلتقي الخلق والخالق، عن ابن عباس، يعني أنه يحكم بينهم. وقيل: يلتقي المرء وعمله، والكل مراد، والله أعلم. (يوم هم بارزون) من قبورهم. وقيل: يبرز بعضهم لبعض، فلا يخفى على أحد حال غيره، لأنه ينكشف ما يكون مستورا.
(لا يخفى على الله منهم شئ) أي: من أعمالهم وأحوالهم. ويقول الله في ذلك اليوم: (لمن الملك اليوم) فيقر المؤمنون والكافرون بأنه (لله الواحد القهار).
وقيل: إنه سبحانه هو القائل لذلك، وهو المجيب لنفسه. ويكون في الإخبار بذلك مصلحة للمكلفين. قال محمد بن كعب القرظي: يقول الله تعالى ذلك بين النفختين، حين يفني الخلائق كلها. ثم يجيب نفسه لأنه بقي وحده. والأول أصح، لأنه بين أنه يقول ذلك يوم التلاقي، يوم يبرز العباد من قبورهم. وإنما خص ذلك اليوم بان له الملك فيه، لأنه قد ملك العباد بعض الأمور في الدنيا، ولا يملك أحد شيئا ذلك اليوم.
فإن قيل: أليس يملك الأنبياء والمؤمنون في الآخرة الملك العظيم؟
فالجواب: إن أحدا لا يستحق إطلاق الصفة بالملك الا الله، لأنه يملك جميع الأمور من غير تمليك مملك. وقيل: إن المراد به يوم القيامة قبل تمليك أهل الجنة ما يملكهم. (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) يجزي المحسن بإحسانه، والمسئ بإساءته. وفي الحديث (إن الله تعالى يقول: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار، وعنده مظلمة، حتى أقصه منه). ثم تلا هذه الآية.
(لا ظلم اليوم) أي: لا ظلم لأحد على أحد، ولا ينقص من ثواب أحد، ولا