الذين لا يؤمنون بالأخرة) كان المشركون إذا سمعوا قول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له)، نفروا من هذا، لأنهم كانوا يقولون الأصنام آلهة (وإذا ذكر الذين من دونه) يعني الأصنام التي عبدوها من دونه (إذا هم يستبشرون) يفرحون ويسرون، حتى يظهر السرور في وجوههم.
النظم: اتصل قوله: (الله يتوفى الأنفس) بقوله: (وما أنت عليهم بوكيل) فبين سبحانه أن الحفيظ عليهم هو الذي يتوفاهم ويصرفهم كيف يشاء. وقيل: يتصل بقوله (أليس الله بكاف عبده) أي: من كان هذه صفته فإنه يكفيك أمرهم. واتصل قوله: (أم اتخذوا من دون الله شفعاء) بقوله. (أليس الله بكاف عبده) أي: فكما أن أصنامهم لا تملك الضر والنفع، فإنها لا تملك الشفاعة. (قل اللهم فاطر السماوات والأرض علم الغيب والشهدة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون (46) ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيمة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (48) فإذا مس الانسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون (49) قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (50)).
المعنى: لما قدم سبحانه ذكر الأدلة، فلم ينظروا فيها، والمواعظ فلم يتعظوا بها، أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يحاكمهم إليه ليفعل بهم ما يستحقونه فقال: (قل) يا محمد ادع بهذا الدعاء (اللهم فاطر السماوات والأرض) أي: يا خالقهما ومنشئهما (عالم الغيب والشهادة) أي: يا عالم ما غاب علمه عن جميع الخلق، وعالم ما شهدوه وعلموه (أنت تحكم بين عبادك) يوم القيامة (فيما كانوا فيه يختلفون) في دار الدنيا من أمر دينهم ودنياهم، وتفصل بينهم بالحق في الحقوق والمظالم أي: فاحكم بيني وبين قومي بالحق. وفي هذا بشارة للمؤمنين بالظفر والنصر، لأنه سبحانه إنما أمره به للإجابة لا محالة. وعن سعيد بن المسيب أنه قال: إني لأعرف موضع آية لم يقرأها