يكون راضيا به لعبده، لأن الرضا بالفعل ليس إلا ما ذكرناه. ألا ترى أنه يستحيل أن نريد من غيرنا شيئا، ويقع منه على ما نريده، فلا نكون راضين به، أو أن نرضى شيئا، ولم نرده البتة (وإن تشكروا يرضه لكم) أي: وان تشكروا الله تعالى على نعمه، وتعترفوا بها، يرضه لكم، ويرده منكم، ويثبكم عليه. والهاء في (يرضه) كناية عن المصدر الذي دل عليه (وإن تشكروا)، والتقدير: يرضى الشكر لكم، كقولهم: من كذب كان شرا له أي: كان الكذب شرا له.
(ولا تزر وازرة وزر أخرى) أي: لا تحمل حاملة ثقل أخرى، والمعنى: لا يؤاخذ بالذنب إلا من يرتكبه، ويفعله (ثم إلى ربكم مرجعكم) أي: مصيركم (فينبئكم بما كنتم تعملون) أي: يخبركم بما عملتموه، ويجازيكم بحسب ذلك.
(إنه عليم بذات الصدور) فلا يخفى عليه سر وعلانية. (وإذا مس الانسان ضر) من شدة ومرض وقحط، وغير ذلك (دعا ربه منيبا إليه) أي: راجعا إليه وحده، لا يرجو سواه (ثم إذا خوله) أي: أعطاه (نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل) أي: نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى أن يكشفه من قبل نيل هذه النعمة. قال الزجاج: معناه نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى الله، عز وجل، من قبل.
وجائز أن يكون المعنى: نسي الله الذي كان يتضرع إليه من قبل، ومثله. (ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد) فكانت (ما) تدل على الله تعالى.
و (من) عبارة عن كل مميز. و (ما) يكون لكل شئ.
(وجعل لله أندادا) أي: سمى له أمثالا في توجيه عبادته إليها من الأصنام والأوثان (ليضل) الناس (عن سبيله) أي: عن دينه، أو يضل هو عن الدين.
واللام لام العاقبة، وذلك أنهم لم يفعلوا ما فعلوه، وغرضهم ذلك، لكن عاقبتهم كانت إليه (قل تمتع بكفرك قليلا) هذا أمر معناه الخبر، كقوله. (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) والمعنى: إن مدة تمتعه في الدنيا بكفره، قليلة زائلة. (إنك من أصحاب النار) تعذب فيها دائما (أم من هو قانت) أي: أهذا الذي ذكرناه خير، أم من هو دائم على الطاعة، عن ابن عباس والسدي. وقيل: على قراءة القرآن، وقيام الليل، عن ابن عمر. وقيل: يعني صلاة الليل، عن أبي جعفر عليه السلام.
(إناء الليل) أي: ساعات الليل (ساجدا وقائما) يسجد تارة في الصلاة، ويقوم أخرى (يحذر الآخرة) أي: عذاب الآخرة (ويرجو رحمة ربه) أي: يتردد