الزجاج. وقيل: يستمعون ما في القران والسنة من الطاعات والمباحات، فيتبعون الطاعة التي هي أحسن إذ يستحق الثواب عليه أكثر، وهو أن يأخذ بأفضل الأمرين، كما أن القصاص حق، والعفو أفضل، فيأخذون بالعفو.
(أولئك الذين هداهم الله) أي: هؤلاء الذين هذه صفتهم، هم الذين هداهم الله، فاهتدوا به إلى الحق (وأولئك هم أولو الألباب) أي: ذوو العقول الذين انتفعوا بعقولهم. وقال عبد الرحمن بن زيد: نزل قوله (والذين اجتنبوا الطاغوت) الآيتين: في ثلاثة نفر، كانوا يقولون في الجاهلية: لا إله إلا الله، زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي.
(أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) اختلف في تقديره فقيل معناه: أفمن وجب عليه وعيد الله بالعقاب، أفأنت تخلصه من النار؟ فاكتفى بذكر من في النار عن الضمير العائد إلى المبتدأ، عن الزجاج والأخفش. وقيل: تقديره أفأنت تنقذ من في النار منهم؟ وأتى بالاستفهام مرتين توكيدا للتنبيه على المعنى.
وقال ابن الأنباري: الوقف على قوله (كلمة العذاب)، والتقدير: كمن وجبت له الجنة. ثم يبتدئ (أفأنت تنقذ) وأراد بكلمة العذاب قوله (لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين). وإنما قال ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لحرصه على إسلام المشركين، والمعنى: إنك لا تقدر على إدخال الاسلام في قلوبهم شاؤوا أم أبوا، فلا عليك إذا لم يؤمنوا، (فإنما أتوا ذلك من قبل نفوسهم. وهذا كقوله: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم) الآية.
ثم بين سبحانه ما أعده للمؤمنين، كما بين ما أعده للكفار، فقال: (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف) أي: قصور في الجنة (من فوقها غرف) قصور (مبنية) وهذا في مقابلة قوله (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) فإن في الجنة منازل رفيعة، بعضها فوق بعض، وذلك أن النظر من الغرف إلى الخضر والمياه، أشهى وألذ (تجري من تحتها الأنهار) أي: من تحت الغرف (وعد الله) أي: وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعدا (لا يخلف الله الميعاد).
(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطما إن في ذلك