بين الخوف والرجاء أي: ليسا سواء، وهو قوله (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون) أي: لا يستوي الذين يعلمون ما وعد الله من الثواب والعقاب، والذين لا يعلمون ذلك (إنما يتذكر أولو الألباب) أي: إنما يتعظ ذوو العقول من المؤمنين. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: نحن الذي يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولو الألباب.
(قل) يا محمد لهم (يا عبادي الذين أمنوا) أي: صدقوا بتوحيد الله تعالى (اتقوا ربكم) أي: عقاب ربكم باجتناب معاصيه، وتم الكلام. ثم قال: (للذين أحسنوا) أي: فعلوا الأعمال الحسنة، وأحسنوا إلى غيرهم (في هذه الدنيا حسنة) أي: لهم على ذلك في هذه الدنيا حسنة أي: ثناء حسن وذكر جميل ومدح وشكر وصحة وسلامة، عن السدي. وقيل: معناه للذين أحسنوا العمل في هذه الدنيا مثوبة حسنة في الآخرة، وهو الخلود في الجنة (وأرض الله واسعة) هذا حث لهم على.
الهجرة من مكة، عن ابن عباس أي: لا عذر لأحد في ترك طاعة الله، فإن لم يتمكن منها في أرض، فليتحول إلى أخرى يتمكن منها فيها كقوله: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها). وقيل: معناه وأرض الله الجنة واسعة، فاطلبوها بالأعمال الصالحة، عن مقاتل وأبي مسلم.
(إنما يوفى الصابرون أجرهم) أي: ثوابهم على طاعاتهم، وصبرهم على شدائد الدنيا (بغير حساب) لكثرته لا يمكن عده وحسابه. وروى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا نشرت الدواوين، ونصبت الموازين، لم ينصب لأهل البلاء ميزان، ولم ينشر لهم ديوان). ثم تلا هذه الآية: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). (قل انى أمرت ان اعبد الله مخلصا له الدين (11) وأمرت لان أكون أول المسلمين (12) قل انى أخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم (13) قل الله اعبد مخلصا له ديني (14) فاعبدوا ما شئتم من دونه قل ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة الا ذلك هو الخسران المبين (15) لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون (16) والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا