من سعيهما، انطلق به إبراهيم إلى (منى)، وذلك يوم النحر. فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى، وأضجعه لجنبه الأيسر، وأخذ الشفرة ليذبحه، نودي (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) إلى آخره. وفدي إسماعيل بكبش عظيم، فذبحه، وتصدق بلحمه على المساكين.
وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن كبش إبراهيم عليه السلام ما كان لونه؟ قال: أملح أقرن، ونزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، بحيال الجمرة الوسطى، وكان يمشي في سواد، ويأكل في سواد، وينظر في سواد، ويبعر في سواد، ويبول في سواد. وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه سأل عن صاحب الذبح قال: هو إسماعيل. وعن زياد بن سوقة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صاحب الذبح، فقال: إسماعيل عليه السلام.
(ولقد مننا على موسى وهارون (114) ونجيناهما وقومها من الكرب العظيم (115) ونصرناهم فكانوا هم الغالبين (116) وآتيناهما الكتاب المبين (117) وهديناهما الصراط المستقيم (118) وتركنا عليهما في الآخرين (119) سلام على موسى وهارون (120) إنا كذلك نجزى المحسنين (121) إنهما من عبادنا المؤمنين (122).
اللغة: أصل المن: القطع، ومنه قوله (لهم أجر غير ممنون) أي: غير مقطوع. وحبل منين، أي: منقطع. والنصر: المعونة إلا أن كل نصر معونة، وليس كل معونة نصرا، لان النصر يختص بالمعونة على الأعداء، والمعونة عامة.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم بذكر موسى وهارون، فقال: (ولقد مننا على موسى وهارون) أي: أنعمنا عليهما نعما، قطعت عنهما كل أذية، فمنها النبوة، ومنها النجاة من آل فرعون، ومنها سائر النعم الدينية والدنياوية. (ونجيناهما وقومهما) بني إسرائيل (من الكرب العظيم) من تسخير قوم فرعون إياهم، واستعمالهم في الأعمال الشاقة. وقيل: من الغرق، (ونصرناهم) على فرعون وقومه. (فكانوا هم الغالبين) القاهرين بعد أن كانوا مغلوبين مقهورين.