نحاس، وكلما أمر إبراهيم السكين عليه، لم يقطع، أو كان كلما اعتمد على السكين، انقلب على اختلاف الرواية فيه. وهذا التأويل يسوغ إذا قلنا إنه كان مأمورا بما يجري مجرى الذبح، ولا يسوغ إذا قلنا إنه أمر بحقيقة الذبح، لأنه يكون تكليف لما لا يطاق.
ثم قال سبحانه: (وفديناه بذبح عظيم) الفداء: جعل الشئ مكان الشئ، لدفع الضرر عنه. والذبح: هو المذبوح، وما يذبح، ومعناه: إنا جعلنا الذبح بدلا عنه، كالأسير يفدى بشئ. واختلف في الذبح فقيل: كان كبشا من الغنم، عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وسعيد بن جبير. قال ابن عباس. هو الكبش الذي تقبل من هابيل حين قربه. وقيل: فدي بوعل أهبط عليه من ثبير (1)، عن الحسن. ولم سمي عظيما فيه خلاف قيل: لأنه كان مقبولا، عن مجاهد. وقيل: لان قدر غيره من الكباش يصغر بالإضافة إليه. وقيل: لأنه رعى في الجنة أربعين خريفا، عن سعيد ابن جبير. وقيل: لأنه كان من عند الله، كونه ولم يكن عن نسل. وقيل. لأنه فداء عبد عظيم.
(وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين) قد مضى تفسير ذلك (وبشرناه بإسحاق) أي: بولادة إسحاق (نبيا من الصالحين) أي: ولدا نبيا من جملة الأنبياء الصالحين. وهذا ترغيب في الصلاح بأن مدح مثله في جلالته بالصلاح. ومن قال: إن الذبيح إسحاق قال: يعني بشرناه بنبوة إسحاق، وآتينا إسحاق النبوة بصبره. (وباركنا عليه وعلى إسحاق) أي:
وجعلنا فيما أعطيناهما من الخير والبركة، يعني: النماء والزيادة، ومعناه: وجعلنا ما أعطيناهما من الخير دائما ثابتا ناميا. ويجوز أن يكون أراد كثرة ولدهما، وبقاءهم قرنا بعد قرن إلى أن تقوم الساعة (ومن ذريتهما) أي: ومن أولاد إبراهيم وإسحاق (محسن) بالايمان والطاعة (وظالم لنفسه) بالكفر والمعاصي (مبين) بين الظلم.
القصة: من ذهب إلى الذبيح إسحاق ذكر أن إبراهيم لما فارق قومه مهاجرا إلى الشام، هاربا بدينه، كما حكى الله سبحانه عنه بقوله (إني ذاهب إلى ربي سيهديني)، دعا الله سبحانه أن يهب له ولدا ذكرا من سارة. فلما نزل به أضيافه من