(أولم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين (77) وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم (78) قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم (79) الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون (80) أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقدر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلق العليم (81) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (82) فسبحن الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون (83)).
القراءة: قرأ يعقوب: (يقدر) بالياء، وكذلك في الأحقاف، والوجه فيه ظاهر. وفي الشواذ قراءة طلحة، وإبراهيم التيمي، والأعمش: (ملكة كل شئ) ومعناه: فسبحان الذي بيده القدرة على كل شئ، وهو من ملكت العجين: إذا أجدت عجنه فقويته بذلك. والملكوت: فعلوت منه، زادوا فيه الواو والتاء للمبالغة بزيادة اللفظ، ولهذا لا يطلق الملكوت إلا على الأمر العظيم.
الاعراب: (الذي جعل لكم): بدل من (الذي أنشأها). ويجوز أن يكون مرفوعا، أو منصوبا على المدح. (أن يقول): في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ.
النزول: قيل: إن أبي بن خلف، أو العاص بن وائل، جاء بعظم بال متفتت، وقال: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال: نعم. فنزلت الآية (أولم ير الانسان) إلى آخر السورة.
المعنى: ثم نبه سبحانه خلقه على الاستدلال على صحة البعث والإعادة، فقال: (أولم ير) أولم يعلم (الانسان أنا خلقناه من نطفة) والتقدير: ثم نقلناه من النطفة إلى العلقة، ومن العلقة إلى المضغة، ومن المضغة إلى العظم، ومن العظم إلى أن جعلناه خلقا سويا، ثم جعلنا فيه الروح، وأخرجناه من بطن أمه، وربيناه، ونقلناه من حال إلى حال إلى أن كمل عقله، وصار متكلما خصيما، وذلك قوله (فإذا هو خصيم مبين) أي: مخاصم ذو بيان أي: فمن قدر على جميع ذلك، فكيف لا يقدر على الإعادة، وهي أسهل من الانشاء والابتداء. ولا يجوز أن يكون خلق