روى علي بن إبراهيم بإسناده قال: دخل أبو سعيد المكاري، وكان واقفيا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقال له: أبلغ من قدرك أنك تدعي ما ادعاه أبوك؟ فقال له أبو الحسن: ما لك أطفأ الله نورك، وأدخل الفقر بيتك، أما علمت أن الله، عز وجل، أوحى إلى عمران: إني واهب لك ذكرا يبرئ الأكمه والأبرص، فوهب له مريم، ووهب لمريم عيسى، فعيسى من مريم، ومريم من عيسى، ومريم وعيسى شئ واحد، وأنا من أبي، وأبي مني، وأنا وأبي شئ واحد؟ فقال له أبو سعيد:
فأسألك عن مسألة؟ قال: سل، ولا أخالك تقبل مني، ولست من غنمي، ولكن هلمها. قال: ما تقول في رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم، فهو حر لوجه الله؟ فقال أبو الحسن: ما ملكه لستة أشهر فهو قديم، وهو حر. قال: وكيف صار كذلك؟ قال: لأن الله تعالى يقول: (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) أسماه الله قديما، ويعود كذلك لستة أشهر. قال: فخرج أبو سعيد من عنده، وذهب بصره، وكان يسأل على الأبواب حتى مات.
(لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر) في سرعة سيره، لأن الشمس أبطأ سيرا من القمر، فإنها تقطع منازلها في سنة، والقمر يقطعها في شهر، والله سبحانه يجريهما إجراء التدوير، باين بين فلكيهما ومجاريهما، فلا يمكن أن يدرك أحدهما الآخر، ما داما على هذه الصفة. (ولا الليل سابق النهار) أي: ولا يسبق الليل النهار. وقيل: معناه لا يجتمع ليلتان ليس بينهما يوم، بل تتعاقبان كما قدره الله تعالى، عن عكرمة. وروى العياشي في تفسيره بالإسناد عن الأشعث بن حاتم، قال: كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا عليه السلام والفضل بن سهل والمأمون، في إيوان الحبري بمرو، فوضعت المائدة، فقال الرضا عليه السلام إن رجلا من بني إسرائيل بالمدينة، فقال: النهار خلق قبل أم الليل؟ فما عندكم؟ قال: فأداروا الكلام، فلم يكن عندهم في ذلك شئ، فقال الفضل للرضا: أخبرنا بها أصلحك الله! قال:
نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل: من جهة الحساب. فقال: قد علمت يا فضل أن طالع الدنيا السرطان، والكواكب في مواضع شرفها، فزحل في الميزان، والمشتري في السرطان، والشمس في الحمل، والقمر في الثور، فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل، في العاشر من الطالع، في وسط السماء.
فالنهار خلق قبل الليل. وفي قوله تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار) أي: قد سبقه النهار.