صحة ما أخبرناهم به، ويتحققون. ولو متعلقة بقوله اتخذوا أي: لو علموا أن اتخاذهم الأولياء كاتخاذ العنكبوت بيتا سخيفا، لم يتخذوهم أولياء. ولا يجوز أن تكون متعلقة بقوله (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) لأنهم كانوا يعلمون أن بيت العنكبوت واه ضعيف.
(إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ) هذا وعيد منه سبحانه، ومعناه أنه يعلم ما يعبد هؤلاء الكفار، وما يتخذونه من دونه أربابا. (وهو العزيز) الذي لا يغالب فيما يريده (الحكيم) في جميع أفعاله (وتلك الأمثال) وهي الأشباه والنظائر يعني أمثال القرآن (نضربها للناس) أي نذكرها لهم لندعوهم إلى المعرفة والتوحيد، ونعرفهم قبح ما هم فيه من عبادة الأصنام (وما يعقلها إلا العالمون) أي: وما يفهمها إلا من يعلم وجه الشبه بين المثل والممثل به. وقيل: معناه وما يعقل الأمثال إلا العلماء الذين يعقلون عن الله.
وروى الواحدي بالإسناد عن جابر قال: تلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية وقال:
(العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته، واجتنب سخطه). ثم بين سبحانه ما يدل على إلهيته واستحقاقه العبادة فقال: (خلق الله السماوات والأرض) أي: أخرجهما من العدم إلى الوجود، ولم يخلقهما عبثا، بل خلقهما ليسكنهما خلقه، وليستدلوا بهما على إثباته ووحدانيته. (بالحق) أي: على وجه الحكمة. وقيل: معناه للحق، وإظهار الحق. (إن في ذلك لآية للمؤمنين) لأنهم المنتفعون بذلك. ثم خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أتل ما أوحي إليك من الكتاب) يعني القرآن أي. إقرأه على المكلفين، واعمل بما تضمنه (وأقم الصلاة) أي: أدها بحدودها في مواقيتها.
(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) في هذا دلالة على أن فعل الصلاة لطف للمكلف في ترك القبيح والمعاصي التي ينكرها العقل والشرع. فإن انتهى عن القبيح يكون توفيقا، وإلا فقد أتي المكلف من قبل نفسه. وقيل: إن الصلاة بمنزلة الناهي بالقول إذا قال لا تفعل الفحشاء والمنكر، وذلك لأن فيها التكبير والتسبيح والتهليل والقراءة، والوقوف بين يدي الله تعالى، وغير ذلك من صنوف العبادة، وكل ذلك يدعو إلى شكله، ويصرف عن ضده، فيكون مثل الأمر والنهي بالقول. وكل دليل مؤد إلى المعرفة بالحق، فهو داع إليه، وصارف عن الباطل الذي هو ضده. وقيل: