معناه إن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، ما دام فيها. وقيل: معناه أنه ينبغي أن تنهاه كقوله: (ومن دخله كان آمنا). وقال ابن عباس: في الصلاة منهى، ومزدجر عن معاصي الله، فمن لم تنهه صلاته عن المعاصي، لم يزدد من الله إلا بعدا.
وقال الحسن وقتادة: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فليست صلاته بصلاة، وهي وبال عليه. وروى أنس بن مالك الجهني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم! قال: (إنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا). وروي عن ابن مسعود أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر). ومعنى ذلك: إن الصلاة إذا كانت ناهية عن المعاصي، فمن أقامها ثم لم ينته عن المعاصي، لم تكن صلاته بالصفة التي وصفها الله بها، فإن تاب من بعد ذلك، وترك المعاصي، فقد تبين أن صلاته كانت نافعة له ناهية، وإن لم ينته إلا بعد زمان.
وروى أنس: أن فتى من الأنصار كان يصلي الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن صلاته تنهاه يوما).
وعن جابر قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن فلانا يصلي بالنهار، ويسرق بالليل!
فقال: (إن صلاته لتردعه). وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر، فبقدر ما منعته قبلت منه.
(ولذكر الله أكبر) أي: ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته، عن ابن عباس، وسلمان، وابن مسعود، ومجاهد. وقيل: معناه ذكر العبد لربه أكبر مما سواه، وأفضل من جميع أعماله، عن سلمان في رواية أخرى، وابن زيد، وقتادة، وروي ذلك عن أبي الدرداء. وعلى هذا فيكون تأويله إن أكبر شئ في النهي عن الفحشاء ذكر العبد ربه، وأوامره ونواهيه، وما أعده من الثواب والعقاب، فإنه أقوى لطف يدعو إلى الطاعة، وترك المعصية، وهو أكبر من كل لطف. وقيل: معناه ذكر الله العبد في الصلاة أكبر من الصلاة، عن أبي مالك. وقيل: إن ذكر الله هو التسبيح والتقديس، والتهليل، وهو أكبر وأحرى بأن ينهى عن الفحشاء والمنكر، عن الفراء أي: من كان ذاكرا لله، فيجب أن ينهاه ذكره عن الفحشاء والمنكر.