الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون (45).
القراءة: قرأ أهل البصرة، وعاصم، إلا الأعمش، والبرجمي: (ما يدعون) بالياء. والباقون بالتاء.
الحجة والاعراب: قال أبو علي: التاء على قوله قل لهم إن الله يعلم ما تدعون لا يكون إلا عند هذا، لأن المسلمين لا يخاطبون بذلك. وما: استفهام، وموضعه نصب بيدعون. ولا يجوز أن يكون نصبا بيعلم. ولكن صارت الجملة التي هي في موضع نصب بيعلم. ولا يكون يعلم بمعنى يعرف، كقوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت) لأن ذلك لا يلغى. وما لا يلغى لا يعلق. ويبعد ذلك دخول من في الكلام. وهي إنما تدخل في نحو قولك: هل من طعام، وهل من رجل. ولا تدخل في الإيجاب، هذا قول الخليل. وكذلك قوله (فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار) المعنى: فستعلمون المسلم تكون له عاقبة الدار أم الكافر، وكل ما كان من هذا فهكذا القول فيه، وهو قياس قول الخليل.
اللغة: جمع العنكبوت: عناكب، وتصغيره عنيكب، ووزنه فعللوت، وهو يذكر ويؤنث. قال الشاعر:
على هطالهم منهم بيوت كان العنكبوت هو ابتناها ويقال فيه العنكباء.
المعنى: ثم شبه سبحانه حال الكفار الذين اتخذوا من دونه آلهة بحال العنكبوت فقال: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء) أي: شبه من اتخذ الأصنام آلهة يريدون نصرها، ونفعها، وضرها، والرجوع إليها عند، الحاجة. (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا) لنفسها لتأوي إليه، فكما أن بيت العنكبوت لا يغني عنها شيئا، لكونه في غاية الوهن والضعف، ولا يجدي نفعا، كذلك الأصنام، لا تملك لهم خيرا وشرا، ونفعا وضرا. والولي: هو المتولي للنصرة، وهو أبلغ من الناصر، لأن الناصر قد يكون ناصرا بأن يأمر غيره بالنصرة، والولي: هو الذي يتولى النصرة بنفسه. (وإن أوهن البيوت) أي: أضعفها (لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)