أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (24) وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من نصرين (25).
القراءة: قرأ ابن كثير وأهل البصرة والكسائي: (مودة بينكم) بالرفع والإضافة. وقرأ حمزة وحفص: بنصب (مودة) وإضافتها إلى (بينكم). وقرأ الباقون: (مودة) منصوبة منونة، (بينكم) بالنصب إلا الشموني والبرجمي، فإنهما قرءا (مودة) مرفوعة منونة، (بينكم) بالنصب.
الحجة: قال أبو علي: يجوز في قول من قال (مودة بينكم) أن يجعل (ما) اسم إن، ويضمر ذكرا يعود إلى (ما) كما جاء في قوله (واتخذتموه وراءكم ظهريا). فيكون التقدير إن الذين اتخذتموهم أوثانا ذوو مودة بينكم. ويكون دخول (إن) على (ما) لأنه بمنزلة الذي كقوله: (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) لعود الذكر إليه. ويجوز أن يضمر هو، ويجعل (مودة بينكم) خبرا عنه، والجملة في موضع خبر إن. ومن قرأ (مودة بينكم) بالنصب جعل (ما) مع (إن) كلمة ولم يعد إليها ذكرا، كما أعاد في الوجه الأول، وجعل الأوثان منتصبا باتخذتم، وعداه أبو عمرو إلى مفعول واحد كقوله: (قل اتخذتم عند الله عهدا). والمعنى إنما اتخذتم من دون الله أوثانا آلهة، فحذف. كما أن قوله: (إن الذين اتخذوا العجل معناه: اتخذوا العجل إلها، فحذف وانتصب (مودة) على أنه مفعول له، و (بينكم) نصب على الظرف، والعامل فيه المودة.
ومن قال (مودة بينكم): أضاف المودة إلى البين، واتسع بأن جعل الظرف اسما لما أضاف إليه، ومثل ذلك قراءة من قرأ (لقد تقطع بينكم). ومن قرأ (مودة بينكم في الحياة الدنيا) جاز في قوله (بينكم) إذا نون (مودة) ضربان أحدهما: أن يجعله ظرفا متعلقا بالمصدر، لأن الظرفين أحدهما من المكان، والاخر من الزمان، وإنما الذي يمتنع أن يعلق به إذا كانا ظرفين من الزمان، أو ظرفين من المكان. فأما إن اختلفا فسائغ فقوله: (في الحياة الدنيا) ظرف زمان، لأن المعنى في وقت الحياة