منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون (34) ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون (35).
القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم ويعقوب: (لننجينه) خفيفة الجيم، ساكنة النون. والباقون: (لننجينه) " بالتشديد. وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة غير حفص ويعقوب: (إنا منجوك) بالتخفيف. والباقون بالتشديد. وقرأ ابن عامر: (منزلون) بالتشديد. والباقون: (منزلون) بالتخفيف.
الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ لننجينه، وإنا منجوك قوله: (فأنجاه الله من النار). وحجة من ثقل قوله: (ونجينا الذين آمنوا) يقال: نجا زيد ونجيته وأنجيته، مثل فرحته وأفرحته. وكذلك قولك نزل إذا عديته قلت نزلته وأنزلته.
المعنى: ثم بين سبحانه أنه استجاب دعاء لوط، وبعث جبرائيل ومعه الملائكة لتعذيب قومه بقوله (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى) أي: يبشرونه بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب. (قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية) يعنون قرية قوم لوط عليه السلام. وإنما قالوا هذا، لأن قريتهم كانت قريبة من قرية قوم إبراهيم (إن أهلها كانوا ظالمين) أي: مشركين مرتكبين للفواحش (قال) إبراهيم (إن فيها لوطا) فكيف تهلكونها (قالوا) في جوابه: (نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله) أي:
لنخلصن لوطا من العذاب باخراجه منها، ولنخلصن أيضا أهله المؤمنين منهم (إلا امرأته) فإنها تبقى في العذاب لا تنجو منه، وذلك قوله (كانت من الغابرين) أي:
من الباقين في العذاب (ولما أن جاءت رسلنا لوطا) أن هذه مزيدة (سئ بهم) معناه: سئ لوط بالملائكة أي: ساءه مجيئهم لما رآهم في أحسن صورة، لما كان يعلمه من خبث فعل قومه، عن قتادة. وقيل: معناه سئ لما علم من عظيم البلاء النازل بهم (وضاق بهم ذرعا) أي: ضاق قلبه. وقيل: ضاقت حيلته فيما أراد من حفظهم، وصيانتهم، عن الجبائي.
فلما رأى الملائكة حزنه، وضيق صدره (قالوا لا تخف) علينا وعليك (ولا تحزن) بما نفعله بقومك. وقيل: لا تخف تحزن علينا، فإنا رسل الله، لا يقدرون علينا (إنا منجوك وأهلك) من العذاب (إلا امرأتك) الكافرة (كانت من الغابرين) أي: الباقين في العذاب (إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا) أي: