جعفر عليه السلام مثله.
(وقالوا) أي: ويقولون في ذلك الوقت، وهو يوم القيامة، أو عند رؤية البأس، أو عند الخسف في حديث السفياني (أمنا به وأنى لهم التناوش) أي: ومن أين لهم الانتفاع بهذا الإيمان الذي ألجئوا إليه. بين سبحانه أنهم لا ينالون به نفعا، كما لا ينال أحد التناوش (من مكان بعيد) وقيل: معناه أنهم طلبوا الرد إلى الدنيا، فالمراد: أنهم طلبوا الأمر من حيث لا ينال، ولم يرد بعد المكان، وإنما أراد بعد انتفاعهم بذلك، وبعدهم عن الصواب. (وقد كفروا به من قبل) المعنى: وكيف تقبل توبتهم، أو يردون إلى الدنيا، وقد كفروا بالله من قبل ذلك.
(ويقذفون بالغيب من مكان بعيد) أي. ويرجمون بالظن، فيقولون: لا جنة، ولا نار، ولا بعث، وهذا أبعد ما يكون من الظن، عن قتادة. وقيل: معناه يرمون محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالظنون من غير يقين، وذلك قولهم. هو ساحر، وهو شاعر، وهو مجنون. وجعله قذفا لخروجه في غير حق. وقيل: معناه ويبعدون أمر الآخرة، فيقولون لأتباعهم. هيهات هيهات لما توعدون، وذلك كالشئ يرى في موضع بعيد المرمى.
(وحيل بينهم وبين ما يشتهون) أي: وفرق بينهم وبين مشتهياتهم بالموت الذي حل بهم، كما حل بأمثالهم، عن أبي مسلم. وقيل. مشتهاهم هو التوبة والإيمان أو الرد إلى الدنيا، وقد منعوا منه. وقيل: هو نعيم الجنة، عن الجبائي.
وقيل: معناه منعوا من كل مشتهى فيلحق الله تعالى فيهم النفار، فلا يدركون شيئا إلا ويتألمون به.
(كما فعل) مثل ذلك (بأشياعهم من قبل) أي: بأمثالهم من الكفار. وقيل:
معناه بموافقيهم، وأهل دينهم من الأمم الماضية، حين لم تقبل منهم التوبة، وقت رؤية البأس والعذاب. قال الضحاك: المراد بذلك أصحاب الفيل حين أرادوا خراب الكعبة (إنهم كانوا في شك) من البعث والنشور. وقيل: في شك من وقوع العذاب بهم (مريب) أي: مشكك، كما قالوا: عجب عجيب.