(كلهن): تأكيد للضمير، وهو النون في (يرضين)، ولو نصب جاز على تأكيد قوله هن في (آتيتهن). (غير ناظرين): منصوب على الحال. (ولا مستأنسين):
معطوف عليه فهو حال معطوف على حال قبله، وتقديره: ولا تدخلوا مستأنسين لحديث.
النزول: نزلت الآية الأولى حين غار بعض أمهات المؤمنين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وطلب بعضهن زيادة النفقة، فهجرهن شهرا حتى نزلت آية التخيير، فأمره الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة، وأن يخلي سبيل من اختار الدنيا، ويمسك من اختار الله تعالى ورسوله، على أنهن أمهات المؤمنين، ولا ينكحن أبدا، وعلى أنه يؤوي من يشاء منهن، ويرجي من يشاء منهن، ويرضين به، قسم لهن، أو لم يقسم، أو قسم لبعضهن، ولم يقسم لبعضهن، أو فضل بعضهن على بعض في النفقة والقسمة والعشرة، أو سوى بينهن، والأمر في ذلك إليه، يفعل ما يشاء، وهذه من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم، فرضين بذلك كله، واخترنه على هذا الشرط.
فكان صلى الله عليه وآله وسلم يسوي بينهن مع هذا إلا امرأة منهن أراد طلاقها، وهي سودة بنت زمعة، فرضيت بترك القسم، وجعلت يومها لعائشة، عن ابن زيد وغيره. وقيل: لما نزلت آية التخيير، أشفقن ان يطلقن، فقلن: يا نبي الله! اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت، ودعنا على حالنا. فنزلت الآية. وكان ممن أرجى منهن سودة، وصفية، وجويرية، وميمونة، وأم حبيبة، فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء، وكان ممن آوى إليه عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب، وكان يقسم بينهن على السواء، لا يفضل بعضهن على بعض، عن ابن رزين.
ونزلت آية الحجاب لما بنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بزينب بنت جحش، وأولم عليها. قال أنس: أولم عليها بتمر وسويق، وذبح شاة، وبعثت إليه أمي أم سليم بحيس في تور (3) من حجارة، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أدعو أصحابه إلى الطعام، فدعوتهم، فجعل القوم يجيئون ويأكلون، ويخرجون. ثم يجئ القوم فيأكلون ويخرجون. قلت: يا نبي الله! قد دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه؟ فقال: