نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) أي: من قبل أن تدخلوا بهن.
(فمالكم عليهن من عدة تعتدونها) أي: تستوفونها بالعدد، وتحصون عليها بالأقراء وبالأشهر. أسقط الله سبحانه العدة عن المطلقة قبل المسيس، لبراءة رحمها، فإن شاءت تزوجت من يومها (فمتعوهن) قال ابن عباس: هذا إذا لم يكن سمى لها صداقا، فإذا فرض لها صداقا، فلها نصفه، ولا تستحق المتعة، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام. فالآية محمولة عندنا على التي لم يسم لها مهرا، فيجب لها المتعة.
(وسرحوهن سراحا جميلا) أي: طلقوهن طلاقا للسنة من غير ظلم عليهن، عن الجبائي. وقيل: سرحوهن عن البيت، فإنه ليس عليها عدة، فلا يلزمها المقام في منزل الزوج، سراحا جميلا بغير جفوة، ولا أذية. وقيل: السراح الجميل هو رفع المتعة بحسب الميسرة والعسرة، عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنت قاعدا عند علي بن الحسين عليه السلام فجاءه رجل، فقال: إني قلت: يوم أتزوج فلانة فهي طالق.
فقال: إذهب فتزوجها فإن الله تعالى بدأ بالنكاح قبل الطلاق، وقرأ هذه الآية.
ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجور هن) أي: أعطيت مهورهن. والإيتاء قد يكون بالأداء، وقد يكون بالالتزام (وما ملكت يمينك) أي: وأحللنا لك ما ملكت يمينك من الإماء (مما أفاء الله عليك) من الغنائم والأنفال، فكانت من الغنائم مارية القبطية أم ابنه إبراهيم، ومن الأنفال صفية وجويرية، أعتقهما وتزوجهما. (وبنات عمك) أي: وأحللنا لك بنات عمك (وبنات عماتك) يعني نساء قريش (وبنات خالك وبنات خالاتك) يعني نساء بني زهرة (اللاتي هاجرن معك) إلى المدينة، وهذا إنما كان قبل تحليل غير المهاجرات، ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل. (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) أي: وأحللنا لك امرأة مصدقة بتوحيد الله تعالى، وهبت نفسها منك بغير صداق، وغير المؤمنة إن وهبت نفسها منك، لا تحل لك.
(إن أراد النبي أن يستنكحها) أي: آثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم نكاحها، ورغب فيها (خالصة لك من دون المؤمنين) أي خالصة لك دون غيرك قال ابن عباس يقول لا يحل هذا لغيرك، وهو لك حلال. وهذا من خصائصه في النكاح، فكان ينعقد النكاح له بلفظ الهبة، ولا ينعقد ذلك لأحد غيره. واختلاف في أنه هل كانت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم امرأة وهبت نفسها له أم لا، فقيل: إنه لم يكن عنده امرأة وهبت نفسها