إذن، والامتناع عما يؤدي إلى أذاه وكراهيته. قالت عائشة: يحسب الثقلاء أن الله سبحانه لم يحتملهم فقال: (فإذا طعمتم فانتشروا). وقال بعض العلماء. هذا أدب أدب الله به الثقلاء.
(وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب) يعني: فإذا سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا تحتاجون إليه، فاسألوهن من وراء الستر. قال مقاتل: أمر الله المؤمنين ألا يكلموا نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا من وراء حجاب. وروى مجاهد عن عائشة قالت: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيسا في قعب (1)، فمر بنا عمر، فدعاه فأكل، فأصابت إصبعه إصبعي، فقال. (حس (2) لو أطاع فيكن ما رأتكن عين) فنزل الحجاب.
(ذلكم) أي: سؤالكم إياهن المتاع من وراء حجاب (أطهر لقلوبكم وقلوبهن) من الريبة ومن خواطر الشيطان التي تدعو إلى ميل الرجال إلى النساء، والنساء إلى الرجال. (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) أي: ليس لكم إيذاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمخالفة ما أمر به في نسائه، ولا في شئ من الأشياء (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) أي: من بعد وفاته. المعنى: ولا يحل لكم أن تتزوجوا واحدة من نسائه بعد مماته، كما لا يحل لكم أن تؤذوه في حال حياته.
وقيل: من بعده أي: من بعد فراقه في حياته، كما قال: (بئسما خلفتموني من بعدي). (إن ذلكم كان عند الله عظيما) أي: إيذاء الرسول بما ذكرنا كان ذنبا عظيم الموقع عند الله تعالى.
(إن تبدوا شيئا أو تخفوه) أي: تظهروا شيئا، أو تضمروه مما نهيتم عنه من تزويجهن (فإن الله كان بكل شئ عظيما) من الظواهر والسرائر، وهذا تهديد. وروي عن حذيفة أنه قال لامرأته: إن تريدي أن تكوني زوجتي في الجنة، فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها، فلذلك حرم الله تعالى على أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتزوجن بعده. وروي عن النبي سئل عن المرأة تكون لها زوجان، فتموت فتدخل الجنة، فلأيهما تكون؟ قال: لأحسنهما خلقا كان معها في الدنيا، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة. ولما نزلت آية الحجاب قال: الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله، ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب؟ فأنزل الله تعالى قوله: (لا جناح عليهن في