الحجة. قال أبو علي: قوله تقاسموا لا يخلو من أن يراد به مثال الماضي، أو مثال الآتي الذي يراد به الأمر، فمن أراد به الأمر جعل (لنبيتنه) جوابا لتقاسموا، فكأنه قال: حلفوا لنبيتنه لأن هذه الألفاظ التي تكون من ألفاظ القسم، تتلقى بما يتلقى به الإيمان، كقوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن)، (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) فكذلك (تقاسموا بالله لنبيتنه) ملقاة باللام والنون الثقيلة. وأدخل المتكلمون أنفسهم مع المقسمين، كما دخلوا في قوله: (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم).
ومن قال: (تقاسموا لنبيتنه) أراد: ليقسم بعضكم لبعض لنبيتنه، فتقاسموا على هذا أمر، كما كان فيمن قال (لنبيتنه) أمرا. ومن قال (تقاسموا لتبيتنه) بالتاء، فتقاسموا على هذا مثال ماض، ولا يجوز مع هذا إلا بالتاء، لأن مثال الماضي للغيبة، ولتبيتنه للخطاب. ومن كسر (إنا دمرناهم) جاز أن يكون كان في قوله (كيف كان عاقبة مكرهم) تامة، وأن تكون ناقصة. فإن جعلتها تامة بمعنى وقع، كان قوله (كيف كان عاقبة) في موضع حال، تقديره على أي حال وقع عاقبة مكرهم أي: أحسنا وقع عاقبة مكرهم أو سيئا. أو يكون في كيف ضمير من ذي الحال، كما أنك إذا قلت: في الدار حدث الأمر، فجعلته في موضع الحال، كان كذلك. وحكم كيف على ذا أن يكون متعلقا بمحذوف، كما أنك إذا قلت: في الدار وقع زيد، فتقديره: وقع زيد مستقرا في هذه الحال. فإن جعلته ظرفا للفعل، تعلق بكان الذي بمعنى الحدث.
وقوله (إنا دمرناهم) فيمن كسر استئناف وهو تفسير للعاقبة كما أن قوله (لهم مغفرة وأجر عظيم) تفسير للموعد. ومن قرأ (إنا دمرناهم) جاز أن يكون كان على ضربيها. وإذا حملته على وقع، كان (كيف) في موضع حال. وجاز في قوله (إنا دمرناهم) أمران أحدهما: أن يكون بدلا من قوله (عاقبة مكرهم). وجاز أن يكون محمولا على مبتدأ مضمر، كأنه قال هو أنا دمرناهم، أو ذاك أنا دمرناهم. فإذا حملتها على المقتضية للخبر، جاز في قوله (أنا دمرناهم) قولان أحدهما: أن يكون بدلا من اسم كان الذي هو العاقبة، فإذا حملته على ذلك كان (كيف) في موضع خبر كان والآخر: أن يكون خبر كان، ويكون موضعه نصبا بأنه خبر كان، كأنه كان عاقبة أمرهم تدميرهم. ويكون (كيف) في موضع حال. ويجوز أن يكون العامل في