وبأحسن تفسيرا مما أتوا به من المثل أي: بيانا وكشفا.
(الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم) أي: يسحبون على وجوههم إلى النار، وهم كفار مكة، وذلك أنهم قالوا لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه هم شر خلق الله، فقال الله سبحانه: (أولئك شر مكانا) أي: منزلا ومصيرا. (وأضل سبيلا) أي:
دينا وطريقا من المؤمنين. وروى أنس أن رجلا قال: يا نبي الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: " إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " أورده البخاري في الصحيح.
ثم ذكر سبحانه حديث الأنبياء أممهم، تسلية للنبي فقال: (ولقد آتينا موسى الكتاب) يعني التوراة (وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا) أي: معينا يعينه على تبليغ الرسالة، ويتحمل عنه بعض أثقاله. (فقلنا إذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا) يعني فرعون وقومه وفي الكلام حذف أي: فذهبا إليهم، فلم يقبلوا منهما، وجحدوا نبوتهما. (فدمرناهم تدميرا) أي: أهلكناهم إهلاكا بأمر فيه أعجوبة. (وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم) أي: وأغرقنا قوم نوح بالطوفان، وهو مجئ السماء بماء منهمر، وتفجير الأرض عيونا، حتى التقى الماء على أمر قد قدر. قال الزجاج: من كذب نبيا فقد كذب بجميع الأنبياء.
(وجعلناهم للناس آية) أي: عبرة وعظة (وأعتدنا) أي: وهيأنا (للظالمين عذابا أليما) سوى ما حل بهم في الدنيا (وعادا وثمود) أي: وأهلكنا عادا وثمود (وأصحاب الرس) وهو بئر رسوا فيها نبيهم أي: ألقوه فيها، عن عكرمة. وقيل:
إنهم كانوا أصحاب مواش، ولهم بئر يقعدون عليها، وكانوا يعبدون الأصنام. فبعث الله إليهم شعيبا، فكذبوه فأنهار البئر، وانخسفت بهم الأرض، فهلكوا، عن وهب.
وقيل: الرس قرية باليمامة يقال لها فلج قتلوا نبيهم فأهلكهم الله، عن قتادة. وقيل:
كان لهم نبي يسمى حنظلة، فقتلوه فأهلكوا، عن سعيد بن جبير والكلبي. وقيل:
هم أصحاب رس. والرس: بئر بأنطاكية، قتلوا فيها حبيبا النجار، فنسبوا إليها، عن كعب ومقاتل. وقيل: أصحاب الرس كان نساؤهم سحاقات، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(وقرونا بين ذلك كثيرا) أي: وأهلكنا أيضا قرونا كثيرا بين عاد وأصحاب الرس على تكذيبهم. وقيل: بين نوح وأصحاب الرس. والقرن: سبعون سنة.