(ثبورا): مصدر فعل محذوف، تقديره ثبر ثبورا. ودعوا هنا بمعنى قالوا. وهنالك يحتمل أن يكون ظرف زمان، وأن يكون ظرف مكان أي: دعوا في ذلك اليوم، أو في ذلك المكان. (كانت لهم جزاء ومصيرا): في موضع نصب على الحال من وعد. وقد: مضمرة. وذو الحال الضمير المحذوف العائد من الصلة إلى الموصول.
(لهم فيها ما يشاؤون): جملة أخرى في موضع الحال من قوله: (المتقون) (وما أرسلنا قبلك من المرسلين): مفعول (أرسلنا) محذوف تقديره: وما أرسلنا قبلك رسلا. ويدل عليه قوله: (من المرسلين). (إلا إنهم ليأكلون الطعام): إن مع اسمه وخبره مستثنى عن الرسل المحذوفة، تقديره: وما أرسلنا قبلك رسلا إلا هم يأكلون الطعام. وهذا كما يقال: ما قدم علينا أمير إلا إنه مكرم لي، وليست كسرة أن لأجل اللام، فإن دخولها وخروجها واحد في هذا الموضع. وقيل: ما في الآية كقول الشاعر:
ما أعطياني، ولا سألتهما، * إلا وإني لحاجز كرمي المعنى: ثم بين سبحانه سوء اعتقادهم، وما أعده لهم على قبيح فعالهم ومقالهم، فقال: (بل كذبوا بالساعة) أي: ما كذبوك لأنك تأكل الطعام، وتمشي في الأسواق، بل لأنهم لم يقروا بالبعث والنشور، والثواب والعقاب (وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) أي: نارا تتلظى. ثم وصف ذلك السعير فقال: (إذا رأتهم من مكان بعيد) أي: من مسيرة مائة عام، عن السدي والكلبي. وقال أبو عبد الله عليه السلام: من مسيرة سنة. ونسب الرؤية إلى النار، وإنما يرونها هم، لأن ذلك أبلغ كأنها تراهم رؤية الغضبان الذي يزفر غيظا. وذلك قوله: (سمعوا لها تغيظا وزفيرا) وتغيظها: تقطعها عند شدة اضطرابها. وزفيرها: صوتها عند شدة التهابها، كالتهاب الرجل المغتاظ. والتغيظ لا يسمع، وإنما يعلم بدلالة الحال عليه. وقيل: معناه سمعوا لها صوت تغيظ وغليان. قال عبيد بن عمير: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى نبي ولا ملك إلا خر لوجهه. وقيل: التغيظ للنار، والزفير لأهلها، كأنه يقول: رأوا للنار تغيظا، وسمعوا لأهلها زفيرا (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا) معناه: وإذا ألقوا من النار في مكان ضيق، يضيق عليهم، كما يضيق الزج في الرمح، عن أكثر المفسرين. وفي الحديث قال عليه السلام في هذه الآية: والذي نفسي بيده! إنهم يستكرهون في النار كما يستكره