حيث عملوها لغير الله.
ثم ذكر سبحانه فضل أهل الجنة على أهل النار، فقال: (أصحاب الجنة يومئذ) يعني يوم القيامة (خير مستقرا) أي: أفضل منزلا في الجنة (وأحسن مقيلا) أي: موضع قائلة. قال الأزهري: القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر، وإن لم يكن مع ذلك نوم، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها.
وقال ابن عباس، وابن مسعود: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. قال البلخي: معنى خير وأحسن هنا أنه خير في نفسه، وحسن في نفسه، لا بمعنى أنه أفعل من غيره، كما في قوله: (وهو أهون عليه) أي: هو هين عليه. وكما يقال: الله أكبر، لا بمعنى أنه أكبر من شئ غيره.
(ويوم تشقق السماء بالغمام) عطف على قوله: (يوم يرون) المعنى: تتشقق السماء وعليها غمام، كما يقال: ركب الأمير بسلاحه، وخرج بثيابه أي: وعليه سلاحه وثيابه، عن أبي علي الفارسي. وقيل: تتشقق السماء عن الغمام الأبيض، عن الفراء. وإنما تتشقق السماء لنزول الملائكة، وهو قوله: (ونزل الملائكة تنزيلا) وقال ابن عباس. تتشقق السماء الدنيا فينزل أهلها، وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس. ثم تتشقق السماء الثانية، فينزل أهلها، وهم أكثر ممن في السماء الدنيا من الإنس والجن، ثم كذلك، حتى تتشقق السماء السابعة، وأهل كل سماء يزيدون على أهل السماء التي قبلها.
(الملك يومئذ الحق للرحمن) أي: الملك الذي هو الملك حقا، ملك الرحمن يوم القيامة، ويزول ملك سائر الملوك فيه. وقيل: إن الملك ثلاثة أضرب:
ملك عظمة وهو لله تعالى وحده، وملك ديانة وهو بتمليك الله تعالى، وملك جبرية وهو بالغلبة. (وكان يوما على الكافرين عسيرا) أعسر عليهم ذلك اليوم لشدته ومشقته، ويهون على المؤمنين كأدنى صلاة صلوها في دار الدنيا. وفي هذا بشارة للمؤمنين حيث خص بشدة ذلك اليوم الكافرين. (ويرم يعض الظالم على يديه) ندما وأسفا. وقيل هو عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس، على ما مضى ذكره، عن ابن عباس. وقيل: هو عام في كل ظالم نادم يوم القيامة، وكل خليل يخاله غيره في غير ذات الله. قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين، ثم تنبتان ولا يزال هكذا كلما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل.