السماء من برد بردا، كما يقال: أخذت من المال شيئا. وقوله: (على بطنه): في موضع نصب على الحال، وكذلك قوله: (على رجلين) و (على أربع). ومن الأولى والثالثة بمعنى ما.
المعنى: ثم ذكر سبحانه الآيات التي جعلها نورا للعقلاء العارفين بالله وصفاته، فقال: (ألم تر) أي: ألم تعلم يا محمد، لأن ما ذكر في الآية لا يرى بالأبصار، وإنما يعلم بالأدلة. والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد به جميع المكلفين (أن الله يسبح له من في السماوات والأرض) والتسبيح: التنزيه لله تعالى عما لا يجوز عليه، ولا يليق به أي: ينزهه أهل السماوات وأهل الأرض بألسنتهم. وقيل: عنى به العقلاء وغيرهم. وكنى عن الجميع بلفظة (من) تغليبا للعقلاء على غيرهم.
(والطير) أي: ويسبح له الطير (صافات) أي: واقفات في الجو مصطفات الأجنحة في الهواء، وتسبيحها: ما يرى عليها من آثار الحدوث.
(كل قد علم صلاته وتسبيحه) معناه: إن جميع ذلك قد علم الله تعالى دعاءه إلى توحيده، وتسبيحه، وتنزيهه. وقيل: إن الصلاة للإنسان، والتسبيح لكل شئ، عن مجاهد، وجماعة. وقيل: معناه كل واحد منهم قد علم صلاته وتسبيحه أي: صلاة نفسه، وتسبيح نفسه، فيؤديه في وقته، فيكون الضمير في علم الكل، وفي الأول يعود الضمير إلى اسم الله تعالى، وهو أجود، لأن الأشياء كلها لا يعلم كيفية دلالتها على الله، وإنما يعلم الله تعالى ذلك. (والله عليم بما يفعلون) أي:
عالم بأفعالهم فيجازيهم بحسبها (ولله ملك السماوات والأرض) والملك: المقدور الواسع لمن يملك السياسة والتدبير. فملك السماوات والأرض، لا يصح إلا لله وحده، لأنه القادر على الأجسام، لا يقدر على خلقها غيره. فالملك التام لا يصح إلا له سبحانه. (وإلى الله المصير) أي: المرجع يوم القيامة.
ثم قال: (ألم تر) أي: ألم تعلم (أن الله يزجي سحابا) أي: يسوقه سوقا رفيقا إلى حيث يريد. (ثم يؤلف بينه) أي: يضم بعضه إلى بعض، فيجعل القطع المتفرقة منه قطعة واحدة. (ثم يجعله ركاما) أي: متراكما، متراكبا بعضه فوق بعض. (فترى الودق يخرج من خلاله) أي: ترى المطر والقطر، يخرج من خلال السحاب أي: مخارج القطر منه. (وينزل من السماء من جبال فيها من برد) أي:
وينزل من جبال في السماء تلك الجبال من برد بردا. والسماء: السحاب، لأن كل