سعيد بن جبير، قال: لقيني ابن عباس في حجة حجها، فقال. هل تزوجت؟
قلت: لا. قال: فتزوج. قال: ولقيني في العام المقبل، فقال: هل تزوجت؟
قلت: لا. فقال: إذهب فتزوج، فإن خير هذه الأمة كان أكثرها نساء. يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، للقيت الله بزوجة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (شراركم عزابكم).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من أدرك له ولد، وعنده ما يزوجه، فلم يزوجه، فأحدث، فالإثم بينهما). وعن أبي إمامة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " أربع لعنهم الله من فوق عرشه، وأمنت عليه ملائكته: الذي يحصر نفسه فلا يتزوج، ولا يتسرى، لئلا يولد له. والرجل يتشبه بالنساء، وقد خلقه الله ذكرا. والمرأة تتشبه بالرجال وقد خلقها الله أنثى، ومضلل الناس: يريد الذي يهزأ بهم يقول للمسكين: هلم أعطك. فإذا جاء يقول: ليس معي شئ، ويقول للمكفوف: إتق الدابة، وليس بين يديه شئ.
والرجل يسأل عن دار القوم فيضلله.
(والصالحين من عبادكم وإمائكم) أي: وزوجوا المستورين من عبيدكم، وولائدكم. وقيل: إن معنى الصلاح ههنا الإيمان، عن مقاتل. ثم رجع إلى الأحرار فقال: (إن يكونوا فقراء) لا سعة لهم للتزويج (يغنهم الله من فضله) وعدهم سبحانه أن يوسع عليهم عند التزويج. (والله واسع) المقدور، كثير الفضل (عليم) بأحوالهم، وما يصلحهم، فيعطيهم على قدر ذلك. وقال أبو عبد الله عليه السلام: من ترك التزويج مخافة العيلة، فقد أساء الظن بربه، لقوله سبحانه: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله).
(وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) هذ أمر من الله تعالى لمن لا يجد السبيل إلى أن يتزوج، بأن لا يجد المهر والنفقة، أو يتعفف، ولا يدخل في الفاحشة، ويصبر حتى يوسع الله عليه من رزقه. ثم بين سبحانه ما يسهل سبيل النكاح، فقال: (والذين يبتغون الكتاب) أي: يطلبون المكاتبة (مما ملكت أيمانهم) من العبيد والإماء (فكاتبوهم) والمكاتبة أن يكاتب الانسان عبده على مال ينجمه عليه، ليؤديه إليه في هذه النجوم المعلومة. وهذا أمر ندب، واستحباب، وترغيب، عند جميع الفقهاء. وقيل: إنه أمر حتم وإيجاب، إذا طلبه العبد، وعلم فيه الخير، عن عطا، وعمر بن دينار، والطبري.