الاعراب: (في قرار): في موضع الصفة لنطفة. و (علقة): حال من النطفة بعد الفراغ من الفعل، وكذلك القول في مضغة وعظام. و (لحما). مفعول ثان لكسونا. و (خلقا): مصدر أنشأنا من غير لفظه. (من نخيل وأعناب) صفة لجنات. وكذلك قوله (لكم فيها فواكه كثيرة).
المعنى: ثم قال سبحانه على وجه القسم: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) المراد بالإنسان ولد آدم عليه السلام، وهو اسم الجنس، فيقع على الجميع، عن ابن عباس، ومجاهد. وأراد بالسلالة الماء يسل من الظهر سلا من طين أي: من طين آدم، لأنها تولدت من طين خلق آدم منه. قال الكلبي: يقول من نطفة سلت تلك النطفة من طين. وقيل: أراد بالإنسان آدم عليه السلام، لأنه استل من أديم الأرض، عن قتادة. (ثم جعلناه) يعني ابن آدم الذي هو الانسان. (نطفة في قرار مكين) يعني الرحم مكن فيه الماء بأن هئ لاستقراره فيه إلى بلوغ أمده الذي جعل له (ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة) مفسر في سورة الحج. (فخلقنا المضغة عظاما) أي: جعلنا تلك المضغة من اللحم عظاما (فكسونا العظام لحما) أي:
فأنبتنا اللحم على العظام، كاللباس. بين سبحانه تنقل أحوال الانسان في الرحم، حتى استكمل خلقه، لينبه على بدائع حكمته، وعجائب صنعته، وكمال نعمته.
(ثم أنشأناه خلقا آخر) أي: نفخنا فيه الروح، عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والشعبي والضحاك. وقيل: هو نبات الشعر والأسنان، وإعطاء الفهم، عن قتادة. وقيل: يعني ثم أنشأناه ذكرا وأنثى، عن الحسن. (فتبارك الله أحسن الخالقين) أي: تعالى الله ودام خيره وثبت. وقيل: معناه استحق التعظيم بأنه قديم لم يزل ولا يزال، لأنه مأخوذ من البروك الذي هو الثبوت. وقال. (أحسن الخالقين) لأنه لا تفاوت في خلقه. وأصل الخلق التقدير، يقال: خلقت الأديم:
إذا قسته لتقطع منه شيئا. وقال حذيفة في هذه الآية: (تصنعون ويصنع الله وهو خير الصانعين). وفي هذا دليل على أن اسم الخلق قد يطلق على فعل غير الله تعالى، إلا أن الحقيقة في الخلق لله سبحانه فقط. فإن المراد من الخلق إيجاد الشئ مقدرا تقديرا، لا تفاوت فيه. وهذا إنما يكون من الله سبحانه وتعالى، ودليله قوله (ألا له الخلق والأمر).
وروي أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما