القراءة: قرأ ابن كثير: (لام h نتهم) على الواحد هنا، وفي المعارج.
والباقون: (لأماناتهم) على الجمع. وقرأ (على صلاتهم) بالإفراد أهل الكوفة غير عاصم. والباقون: (على صلواتهم) على الجمع.
الحجة: قال أبو علي: وجه الإفراد في الأمانة أنه مصدر واسم جنس، فيقع على الكثرة. ووجه الجمع قوله: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).
ومما أفردت فيه الأمانة، والمراد به الكثرة، ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من الأمانة أن اؤتمنت المرأة على فرجها) يريد تفسير قوله: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) ووجه الإفراد في الصلاة: أنها مصدر. ووجه الجمع: أنها صارت بمنزلة الاسم لاختلاف أنواعها، والجمع فيه أقوى، لأنه صار اسما شرعيا، لانضمام ما لم يكن في أصل اللغة إليها.
المعنى: (قد أفلح المؤمنون) أي: فاز بثواب الله الذين صدقوا بالله، وبوحدانيته، وبرسله. وقيل: معنى أفلح بقي أي: قد بقيت أعمالهم الصالحة.
وقيل: معناه قد سعد. قال لبيد: (ولقد أفلح من كان عقل) قال الفراء: يجوز أن يكون (قد) ههنا لتأكيد الفلاح للمؤمنين. ويجوز أن يكون تقريبا للماضي من الحال. ألا تراهم يقولون (قد قامت الصلاة) قبل حال قيامها. فيكون المعنى في الآية: إن الفلاح قد حصل لهم، وإنهم عليه في الحال. ثم وصف هؤلاء المؤمنين بأوصاف فقال: (الذين هم في صلاتهم خاشعون) أي: خاضعون، متواضعون، متذللون، لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته، فقال: (أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه)! وفي هذا دلالة على أن الخشوع في الصلاة يكون بالقلب وبالجوارح. فأما بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها، والإعراض عما سواها، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود. وأما بالجوارح فهو غض البصر، والإقبال عليها، وترك الالتفات والعبث. قال ابن عباس: خشع فلا يعرف من على يمينه، ولا من على يساره. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان رفع بصره إلى السماء في صلاته. فلما نزلت الآية طأطأ رأسه، ورمى ببصره إلى الأرض.
(والذين هم عن اللغو معرضون) اللغو في الحقيقة هو كل قول أو فعل لا