(فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري) (1) والمؤمنون ما أنسوهم ذكر الله بل كانوا يدعونهم إليه تعالى لكن لما نسوا ذكر الله عند ضحكهم من المؤمنين اتخاذهم إياهم سخريا جاز أن يقال: إن المؤمنين أنسوهم ويقول القائل لغيره إذا وعظه فلم يقبل نصيحته: قد كنت شريرا فزادتك نصيحتي شرا وإنما يريد أنه ازداد عنده فلما كان المنافقون فقد مرضت قلوبهم بما فيها من الشك ثم ازدادوا شكا وكفرا عندما كان تجدد من امر الله ونهيه وما ينزل من آياته جاز أن يقال: (فزادهم الله مرضا) فان قيل: فعلى هذا ينبغي أن يكون انزال الآيات مفسدة لأنهم يزدادون عند ذلك الكفر قلنا: ليس حد المفسدة ما وقع عنده الفساد وإنما المفسدة ما وقع عندها الفساد ولولاها لم يقع ولم يكن تمكينا وهذا تمكين لهم من النظر في معجزاته ودلائله فلم يكن استفسادا ولو كان الامر على ما قالته المجبرة: إن الله يخلق فيهم الكفر لقالت الكفار ما ذنبنا والله تعالى يخلق فينا الكفر ويمنعنا من الايمان فلم تلوموننا على ما فعله الله؟
فتكون الحجة لهم لا عليهم وذلك باطل والتقدير في الآية في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين والتصديق بنبيه مرض وحذف المضاف واقام المضاف إليه مقامه قال الشاعر هلا سألت الخيل يا ابنة مالك * ان كنت جاهلة بما (2) لم تعلمي يعني أصحاب الخيل كما قال: (يا خيل الله اركبي) يعني يا أصحاب خيل الله وكما قال تعالى: (واسأل القرية) (3) وإنما أراد أهلها وروي عن ابن عباس أن المرض المراد به الشك والنفاق وبه قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد والكذب ضد الصدق وهو الاخبار عن الشئ لا على هو به يقال كذب يكذب كذبا وكذابا - خفيف وثقيل - مصدران والكذب كالضحك والكذاب كالكتاب والاكذاب: جعل الفاعل على صفة الكذب والتكذب: التحلي