ثم نزل إليه سائر الجيش ووقفوا يصلون عليه، ورد عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله خيرا ثم قال لهم: حدثوني خبركم وحالكم مع أعدائكم.
وكان معهم من أسراء القوم وذراريهم وعيالاتهم وأموالهم من الذهب والفضة وصنوف الأمتعة شئ عظيم.
فقالوا: يا رسول الله لو علمت كيف حالنا لعظم تعجبك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم أكن أعلم ذلك حتى عرفنيه الآن جبرئيل عليه السلام، وما كنت أعلم شيئا من كتابه ودينه أيضا حتى علمنيه ربي، قال الله عز وجل:
﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان - إلى قوله - صراط مستقيم﴾ (1).
ولكن حدثوا بذلك إخوانكم هؤلاء المؤمنين، لا صدقكم [فقد أخبرني جبرئيل بصدقكم] فقالوا (2): يا رسول الله، إنا لما قربنا من العدو بعثنا عينا لنا ليعرف أخبارهم وعددهم لنا، فرجع إلينا يخبرنا أنهم قدر ألف رجل، وكنا ألفي رجل، وإذا القوم قد خرجوا إلى ظاهر بلدهم في ألف رجل، وتركوا في البلد ثلاثة آلاف يوهموننا أنهم ألف، وأخبرنا صاحبنا أنهم يقولون فيما بينهم: نحن ألف وهم ألفان ولسنا نطيق مكافحتهم، وليس لنا إلا التحاصن في البلد حتى تضيق صدورهم من منازلتنا، فينصرفوا عنا.
فتجرأنا بذلك عليهم، وزحفنا إليهم، فدخلوا بلدهم، وأغلقوا دوننا بابه، فقعدنا ننازلهم (3).
فلما جن علينا الليل، وصرنا إلى نصفه، فتحوا باب بلدهم، ونحن غارون (4)