وإذا تلك الأنوار قد أضاءت معسكرنا حتى أنه أضوء من نصف النهار، وأعداؤنا في ظلمة شديدة، فأبصرناهم وعموا [عنا]، ففرقنا زيد بن حارثة عليهم حتى أحطنا بهم، ونحن نبصرهم، وهم لا يبصروننا، ونحن بصراء، وهم عميان، فوضعنا عليهم السيوف فصاروا بين قتيل وجريح وأسير.
ودخلنا بلدهم فاشتملنا على الذراري والعيال والأثاث [والأموال]، وهذه عيالاتهم وذراريهم، وهذه أموالهم، وما رأينا يا رسول الله أعجب من تلك الأنوار من أفواه هؤلاء القوم، التي عادت ظلمة على أعدائنا حتى مكنا منهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قولوا الحمد لله رب العالمين على ما فضلكم به من شهر شعبان هذه كانت [ليلة] غرة شعبان، وقد انسلخ عنهم الشهر الحرام، وهذه الأنوار بأعمال إخوانكم هؤلاء في غرة شعبان أسلفوا (1) بها أنوارا في ليلتها قبل أن يقع منهم الاعمال.
قالوا: يا رسول الله وما تلك الأعمال لنثابر (2) عليها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما قيس بن عاصم المنقري، فإنه أمر بمعروف في يوم غرة شعبان، وقد نهى عن منكر، ودل على خير، فلذلك قدم له النور في بارحة يومه عند قراءته القرآن.
وأما قتادة بن النعمان، فإنه قضى دينا كان عليه في [يوم] غرة شعبان، فلذلك أسلفه الله النور في بارحة يومه.
وأما عبد الله بن رواحة، فإنه كان برا بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة فلما كان من غد، قال له أبوه: إني وأمك لك محبان، وإن امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا (3) وإنا لا نأمن من أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أن تستشهد في