خاتم الأنبياء! ثم أضاء لي إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن، وسمعت صوتا في النور وهو يقول: ظهر الاسلام، وكسرت الأصنام، ووصلت الأرحام، فانتبهت فزعا فقلت لقومي: والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث، فأخبرتهم بما رأيت، فلما انتهيت إلى بلادنا جاء الخبر أن رجلا يقال له أحمد قد بعث، فخرجت حتى أتيته وأخبرته بما رأيت، فقال:
يا عمرو بن مرة! أنا النبي المرسل إلى العباد كافة، أدعوهم إلى الاسلام، وآمرهم بحقن الدماء وصلة الأرحام، وعبادة الله وحده ورفض الأصنام، وبحج البيت وصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا، فمن أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار! فآمن يا عمرو يؤمنك الله من هول جهنم، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، آمنت بكل ما جئت به من حلال وحرام، وإن رغم ذلك كثير من الأقوام، ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به، وكان لنا صنم وكان أبي سادنه، فقمت إليه فكسرته ثم لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول:
شهدت بأن الله حق وإنني * لآلهة الأحجار أول تارك وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا * أجوب إليك الوعث بعد الدكادك