السيف الصقيل رد ابن زفيل - السبكي - الصفحة ١٠٥
فصل قال: (وثاني عشرها وصفه تعالى بالظاهر وفسر في الحديث (أنت الظاهر فليس فوقك شئ)).
يقال لهذا المدبر إن كان الظاهر يقتضي الفوقية الحسية فاسم الباطن يقتضي التحتية الحسية - تعالى الله.
فصل دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة قال: (وثالث عشرها إخباره أنا نراه في الجنة وهل نراه إلا من فوقنا (1) ودعوى سواها مكابرة ولذا قال محقق منكم للمعتزلة ما بيننا خلف فاحملوا معنا

(1) قال: (إذ رؤية لا في مقابلة من الرائي محال ليس في الإمكان). وهذا صريح في أنه لا يرى رؤية لا يكون المرئي فيها في مقابلة الرائي فلا يكون أصرح من هذا في القول بالتجسيم ومن جملة ما يهذي به الناظم في شفاء العليل (159): (كيف يصح عند ذي عقل، مرئي يرى بالأبصار عيانا لا فوق الرائي ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا خلفه ولا أمامه) ا ه‍ وهذا مثل ما هنا وهو من أبعد الناس عن نفي الرؤية فيكون مجسما صريحا، ورؤية الله كما يرى القمر في ليلة البدر يقول عنها ابن قتيبة في (الاختلاف في اللفظ) لم يقع التشبيه فيها على حالات القمر من التدوير والسير والحدود وغير ذلك وإنما وقع التشبيه في أن إدراكه يوم القيامة كإدراكنا القمر ليلة البدر لا يختلف في ذلك كما لا يختلف في هذا، والعرب تضرب بالقمر المثل في الشهرة والظهور ا ه‍ فعار على الناظم وشيخه أن يغيب عنهما ما لم يغب عن مثل ابن قتيبة، لكن الهوى يعمى ويصم، وكلامهما ينبئ عن تشبيه المرئي بالمرئي بل عادت ابن تيمية تهوين شأن التشبيه حتى تجده يقول فيما رد به على الرازي (24 - الكواكب) (ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين ولا الأكابر من أتباع التابعين ذم المشبهة وذم التشبيه ونفي مذهب التشبيه ونحو ذلك وإنما اشتهر ذم هذا من جهة الجهمية ا ه‍) كأنه لم يتل قوله تعالى (ليس كمثله شئ) (الشورى: 11) وقوله تعالى (أفمن يخلق كمن لا يخلق) (النحل: 17) وهو الذي يروى عن ابن راهويه في موضع آخر من ذلك الكتاب (من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلقه فهو كافر بالله العظيم) ويروى أيضا مثله عن نعيم بن حماد في موضع آخر وهو من أئمتهم بل يروى عن الإمام أحمد نفسه (لا يشبهه شئ من خلقه) في موضع آخر من كتابه المذكور وهذا مما يدل على وقاحته البالغة وقلة دينه، وهل أدل على قلة عقل الرجل من تناقضه في كتاب واحد؟ والله ينتقم منه.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 112 ... » »»
الفهرست