الروايات، وإن لم تخل طبقة من طبقات الرواة من أغرار انخدعوا بها وتعصبوا لها، لأن الفاتنين كانوا راعوا في رواياتهم عقول هؤلاء ومداركهم في جاهليتهم تيسيرا لزلل أقدامهم وتدهورهم في هاوية إغوائهم.
انخداع سذج الرواة فالرواة السذج إذا انخدعوا بمثل هذا التمويه يكون عندهم بعض عذر، ومن الذي لا ينخلع قلبه؟ إذا سمع السنة والدعوة إلى السنة من متقشف متظاهر بالورع الكاذب على تقدير جهل السامع بما وراء الأكمة؟ فيجب أخذ هؤلاء بالرفق لتدريجهم إلى الحق من باطل تورطوا فيه باسم السنة.
ومن محققي أهل السنة من يشير إلى إن العامي إذا بدر منه ما يوهم ظاهره التشبيه يرجي من فضل الله أن بسامحه حيث يعلو التنزيه من الجهة ونحوها عن مداركه. وأما من جمع بين الرواية والدراية على زعمه وألف في ذات الله وصفاته، وصدر منه مثل هذا فلا يوجد بين علماء أهل السنة من يعذر مثله بل أطبقت كلماتهم على إلزامه مقتضى كلامه، وليس لعالم عذر في الميل إلى شئ من التشبيه والقرمطة لظهور سقوطهما لكل ناظر. قال القاضي أبو بكر بن العربي في القواصم والعواصم: (ما لقيت طائفة إلا وكانت لي معهم وقفة عصمني الله منها بالنظر - بتوفيقه - إلا الباطنية والشبهة فإنهما زعنفة تحققت أنه ليس وراءهما معرفة فقذفت نفسي كلامهما من أول مرة) ا ه، بل لا يتصور أن يميل إلى أحدهما عاقل إلا إذا كان له غاية إلحادية، وأنى يستعجم على عالم باللسان العربي المبين ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الدلالة على تنزيه الله جل شأنه من الجسمية والجسمانيات والمادة والماديات، بخلاف. العامي الذي هو قريب العهد من الجاهلية.
فضل علماء أصول الدين في حواسة الدين جزى الله علماء أصول الدين عن الإسلام خيرا، فإن لهم فضلا جسيما في صيانة عقائد المسلمين بأدلة ناهضة مدى القرون أمام كل فرقة زائغة، وإنما