قال ابن رجب: قد امتحن وأوذى مرات وحبس مع الشيخ تقي الدين في المدة الأخيرة بالقلعة منفردا ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ ا ه.
وقد سقت هنا نماذج من كلمات أصحابه وأضداده والمتحايدين في حقه في هذا الكتاب، وأرجو أن الحق لا يتعدى ما دللت عليه في حقه فيما كتبناه.
أحق الناس بالرثاء وأحق الناس بالرثاء وأجدرهم بالترحم من أفنى عمره في سبيل العلم منصاعا لمبتدع يرديه من غير أن يتخير أستاذا رشيدا يهديه، ومثله إذا دون أسفارا لا يزداد بها إلا بعدا عن الله وأوزارا، وهو الذي يصبح متفانيا في شيخه الزائغ بحيث لا يسمع إلا بحيث لا يسمع إلا بسمعه ولا يبصر إلا ببصره في جميع شؤونه، ويبقى في أحط ، دركات الجهل من التقليد الأعمى، ولو فكر قليلا لكان أدرك أن من السخف بمكان وضعه لشيخه في إحدى كفتي الميزان ليوازن به جميع العلماء والفقهاء من هذه الأمة في كفته الأخرى فيزنهم ويغالبهم به فيغلبهم في علومهم! وهذا ما لا يصدر من حاظ بعقله، ولا سيما بعد التفكير في تلك المخازي من شواذه. نعم. يمكن أن يكون عنده أو عند شيخه بعض تفوق في بعض العلوم على بعض مشايخ حارته أو أهل خطه أو قريته أو مضرب خيام عشيرته، لكن لا يوجب هذا أن يصدق في ظنه في حق نفسه أن جو هذه الأرض يضيق عن واسع فهومه، وعرض هذه البحار لا يتسع لزاخر علومه.
أخطر ما يطغى من صنوف الاستغناء ومن الآفات المردية التي تعتري الإنسان وتقذف به إلى هاوية الخسران طغيانه حينما يرى نفسه على شئ من الاستغناء بمال أو جاه أو علم، لكن المال عرض زائل، والجاه الدنيوي قلما يدوم على حال، وعلم الإنسان مهما اتسع فما أوتي من العلم إلا قليلا، وتلك الخلال لو روعيت حدودها لكانت أكبر عون للمرء على إحراز مرضاة الله سبحانه، وأما إذا اتخذها أداة طغيان فإذ ذاك تنقلب تلك النعم مجلبة لسخط